اخبارتكنولوجيا

قبل 50 عاماً.. كونتيننتال أطلقت مركبتها الأولى بدون سائق

يشتمل تاريخ كونتيننتال الشركة الألمانية الرائدة فى مجال الإطارات والتقنيات والصناعات المغذّية للسيارات، على الكثير من المحطّات البارزة ومن ضمن هذا عملها الريادي في التحضير لسبل التنقّل المستقبلى حتى قبل 50 سنة.. ففي عام 1968 تم وضع أول سيارة بدون سائق يتم التحكّم بها إلكترونياً من كونتيننتال على حلبة كونتيدروم للتجارب فى شمال ألمانيا حيث أدهشت الجمهور الذى حضر هذا الحدث.. وكان الهدف وراء هذا المشروع الرؤيوي تحديد كيفية اختبار الإطارات بدقّة عبر اعتماد أسس علمية وفى ظل ظروف تمت برمجتها مسبقاً.. لكن مهندسي كونتيننتال كانوا دوماً يوسّعون نطاق الحدود لأقصى درجة ضمن ما كان متاحاً من الناحية التقنية بذلك الزمن وهم كانوا بشكل ما يمهّدون بذلك الطريق لمستقبل القيادة.

تم تطوير الأنظمة الجديدة لسيارة الاختبار بدون سائق من قِبَل مهندسي Siemens بالتعاون مع مهندسي وستينجهاوس (Westinghouse) وباحثين من الجامعات التقنية في ميونيخ ودارمشتات.. وقد جرى توجيه المركبة عبر سلك موجود على سطح الطريق. واستخدم نظام الإلكترونيات في السيارة أجهزة استشعار لمعرفة إن كانت لا تزال تسير على الدرب الصحيح، وقد قامت أوتوماتيكياً بتعديل عملية التوجيه وفقاً لهذا الأمر، مما أتاح تحكّماً إلكترونياً دقيقاً.

قام مهندسو كونتيننتال بتركيب مجموعة من التجهيزات في سيارة مرسيدس – بنز 250 أوتوماتيك (Mercedes-Benz 250 Automatic) المعروفة أيضاً باسم  (Stroke Eight).. ومن ضمن هذا نظام توجيه إلكترو-ميكانيكي، منظّم تخنيق إلكترو-ميكانيكي ونظام راديو لإرسال القياسات – وكانت كلّها تُعدّ تقنيات متطوّرة وريادية حينها. إضافة لهذا، تم تزويد المصدّات بمجموعة من الهوائيات مع وجود إلكترونيات تحكّم ونظام كبح إلكترو-هوائي في الصندوق. وبدءً من أول مركبة بدون سائق من كونتيننتال تركّزت أنشطة التطوير على موضوع السلامة في حال وقوع حوادث.

وعبر السلك الموصول إلى السيارة كانت محطّة التحكّم الموجودة بالقرب من الحلبة ترسل الأوامر إليها مثل طلب الكبح، التسارع أو تشغيل المزمار، وذلك في ظل إلغاء أي إمكانية للتأثير البشري، مما حقّق تقدّماً كبيراً في دقّة القياسات. وقد سجّل المهندسون فقدان السيارة للسلك ومن بعدها القيام بعملية التوقّف التام. كما وضع المهندسون طبقة لوحية زجاجية على الحلبة وثبّتوا كاميرا عالية السرعة تحتها قادرة على التقاط 10,000 صورة في الثانية. والهدف من هذا كان رؤية كيفية تفاعل الكتل ضمن سطح الإطار أثناء سير المركبة فوق الطبقة اللوحية الزجاجية.

وخلال العديد من الفعاليات بين عامي 1968 و1974 شكّلت السيارة الإلكترونية ذاتية القيادة مصدر جذب للزوّار إلى ’كونتيدروم‘. وعلى الرغم من كافة الابتكارات، لم يتحقّق الهدف من اختبارات المركبة الآلية المخصَّصة لتطوير الإطارات في ذلك الوقت.

وبعد إجراء تعديلات عديدة وتنفيذ آلاف التجارب الاختبارية، تم إخراج سيارة ’مرسيدس – بنز 250 أوتوماتيك‘ من المهمّة في العام 1974.. لكنها لا تزال تستعرض مهاراتها عبر مقاطع الفيديو على شبكة الإنترنت.

 يتمحور هدف كونتيننتال حول تمكين التنقّل السلس والآلي دون وقوع حوادث بمختلف أنواعها. ووفقاً لهذا، تعمل شركة التقنيات حالياً على جعل القيادة الآلية العالية جاهزة للإنتاج وفى الوقت ذاته تطوير الأنظمة الضرورية لتمكين القيادة الآلية كلّياً على الطرق السريعة في ألمانيا بحلول العام 2025. وقد جرى تصميم طبيعة القيادة الآلية العالية على الطرق السريعة بحيث تسمح لسائقي السيارات تركيز تفكيرهم مبدئياً على أمور غير القيادة. ويمكن بفضل القيادة الآلية كلّياً أن يتحقّق هذا الأمر على أجزاء من المسار دون أن يضطر السائق لأن يكون في وضعية احتياطية على الإطلاق.

كما تتميّز كونتيننتال من خلال تركيزها وثقتها الكاملة بموضوع القيادة الذاتية. وتعمل الشركة المتخصّصة بالتقنيات الحديثة على اختبار المكوّنات والأنظمة المخصّصة لمركبات التاكسي الآلية بدون سائق العاملة في المدن مع منصّة اختبارات ’تجربة كونتيننتال للتنقّل المُدُني‘ (Continental Urban Mobility Experience – CUbE). وفي الوقت ذاته، تسعى ’كونتيننتال‘ حالياً وراء تحقيق مفهوم تطوير أنظمة مخصّصة لأساطيل المركبات ذاتية القيادة في المستقبل. وفي حال أثمرت مخطّطات ’كونتيننتال‘، فإن مفهوم ’الاقتصاد والبيئة المتوازنين‘ في مجال النقل (Balanced Economy and Ecology – BEE) سوف يشهد يوماً ما على جمع مركبات ذاتية القيادة معاً من مختلف الأحجام والتصاميم، وكلّها تعمل بالطاقة الكهربائية.

بعد خمسين سنة على تألّق السيارة الإلكترونية على حلبة ’كونتيدروم‘، تعمل ’كونتيننتال‘ الآن على الجيل المقبل من أنظمة الاختبار لتنفيذ اختبارات تتميّز بالاعتمادية والفعالية وقابلية التكرار في ظروف حقيقية. ومن شأن التحدّيات التي برزت في الفترة السابقة أن تحفّز مطوّري اليوم على الاستفادة الكاملة من الفرص التي توفرها الشركة نفسها حالياً.

وقد جرى تعديل المركبة الجديدة بدون سائق المخصّصة لمنشأة الاختبارات في الولايات المتحدة الأمريكية بحيث تتوافق مع متطلّبات اختبارات الإطارات، وذلك بالارتكاز على نظام ’سائق الملاحة‘ (Cruising Chauffeur) الذي تم تطويره للطرقات السريعة من قِبَل ’كونتيننتال‘. وعبر نظام Cruising Chauffeur، تمحورت عملية التطوير بشكل أساسي على مساعدة السائق في القيادة الآلية على مسارات الطرق السريعة. وقد صُمِّمَت مركبات اختبار الإطارات كي تقوم بالقيادة ذاتياً على حلبة الاختبارات. أما الخطّة متوسّطة الأمد فتتمحور حول وضع عدّة مركبات ذاتية القيادة للسير في الوقت ذاته على الحلبة مع القيام بمراقبتها كلّها عبر مركز تحكّم. لكن الهدف الرئيسي ضمن هذا النطاق يتمحور حول تنفيذ اختبارات تحمّل مكثَّفة على حلبات الاختبارات المختلفة.

في ظل الحرارة العالية جداً والظروف المناخية القاسية هذه الأيام، يتوجّب على سائقي الاختبارات قيادة المركبات لمئات الأميال لأجل تحديد أي مكمن ضعف محتمَل في تصميم الإطارات الجديدة ومكوّنات المطّاط. لكن بفضل المكنَنة والقدرة على التحكّم بالمركبات حتى أدق التفاصيل، لم تصبح عملية مقارنة النتائج أمراً أسهل فحسب، بل صار يمكن أيضاً تعزيز الطريقة التي تسير فيها المركبات على الحلبة وبالتالي تقليل مستويات التلف على الحلبة نفسها. وفي الواقع.. تُعتبَر هذه أهدافاً مشابهة كثيراً لتلك التي كانت سائدة في ’كونتيدروم‘ قبل 50 سنة، وذلك عندما كتب مهندسو كونتيننتال على صفحات تاريخ الاختبارات عبر سيارتهم الإلكترونية الريادية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى