معرض جنيف يواجه مستقبلا صعبا
يواجه معرض جنيف الدولي للسيارات، أحد أبرز وأهم الأحداث العالمية، اختبارا للصمود خلال دورة العام الحالي بعد أن فضّلت شركات عملاقة الابتعاد عن مثل هذه الأحداث لأنها لم تعُد تجدي نفعا في نظرها.
ومع أن الصالون، الذي يعتبر أول حدث أوروبي هذا العام، قد يكون واحدا من أصغر الفعاليات الخاصة بصناعة المحركات على مستوى العالم، لكنه سيضم بعض أقوى العلامات الشهيرة في القطاع. ولذلك من غير المفاجئ أن يتابع زوّاره خلال فعاليات الدورة 89، التي تبدأ في السابع من مارس المقبل، تدشين أكثر من مئة طراز جديد.
وبحسب المؤشرات الأولية، فإن هناك علامات جديدة ستظهر للمرة الأولى من خلال تقديم موديلات صديقة للبيئة وبتصاميم فريدة، في محاولة لانتزاع حصة في سوق آخذة في النمو.
وبينما غابت عدة شركات عن المعارض الأخرى في العام الماضي، سيكون هناك قليل من المتغيبين عن معرض جنيف، من بينهم فورد الأميركية وهيونداي الكورية الجنوبية ومجموعة جاغوار ولاندروفر البريطانية، التي تملكهما مجموعة تاتا الهندية.
كما أن فولفو قررت في خطوة مفاجئة العام الماضي، وبداية من هذا الحدث مقاطعة المعارض نهائيا، على الرغم أن علامة بولستار التابعة للشركة السويدية ستكون موجودة بموديل جديد كليا.
ويبدو أن مسألة تغيير نمط التسويق بالنسبة لبعض الشركات هو جزء من خطة متكاملة تهدف إلى خفض الإنفاق، حيث أن تكلفة المشاركة في المعارض، والتي تقدر بملايين الدولارات سنويا سبب كاف للمقاطعة، لاسيما وأن الترويج الإلكتروني للمنتجات الجديدة يعتبر أرخص مقارنة بالترويج المباشر.
ويقول رئيس المعرض موريس توريتيني إن أكثر من 180 شركة ستشارك في النسخة الحالية. وهو يتوقع أن يبلغ عدد زوّاره 700 ألف زائر سيتمتعون بمشاهدة نحو ألف سيارة.
ولتبرير أن المعرض سيحظى بالاهتمام كالعادة، أكد أن 35 بالمئة من المشاركين في استطلاعات الرأي، التي أُجريت حول معارض السيارات في العالم، فضّلوا معرض جنيف على باقي المعارض في العالم، رغم الانسحابات.
عزوف المصنعين
ليست المرة الأولى، التي تشهد عزوف شركات سيارات عن المشاركة بمعارض دولية كبرى، كما هو الحال في السابق مع تزايد زخم معارض التكنولوجيا على ما يبدو.
ففي العام الماضي، شهد معرضا فرانكفورت وباريس عزوفا واضحا من قبل شركات التصنيع العملاقة، التي أبدت مواقف مختلفة في اتخاذ خطواتها.
وتعتقد جهات عالمية مختصة في أبحاث السيارات، من بينها كي.بي.بي اﻷميركية، أن المصنعين باتوا يواجهون أزمة حقيقة في تبرير عدم مشاركتهم في المعارض الدولية، على نطاق واسع خاصة مع رغبتهم في تقليص النفقات والتكاليف.
ويشير خبراء إلى أن المصنّعين بدأوا بالفعل في التشكيك في المعارض، كأنشطة تسويقية تحقق عائدا اقتصاديا، لاسيما مع ارتفاع التكاليف، وتحكم منظمي المعرض في الطرازات التي تظهر في العروض الرئيسية للمعرض.
ونظرا إلى هذا الاتجاه، قد يبدو من الطبيعي أن تركز الشركات اليوم على جانب آخر للحفاظ على نجاحها واستمراريتها باتخاذ مسار آخر يحقق القيمة المضافة لمنتجاتها التي تتسابق بحدة للظفر بأكبر عدد من الزبائن.
ويحذّر المختصون من اندثار المعرض، وربما معارض أخرى للسيارات في العالم خلال السنوات القليلة القادمة، إذا استمر الوضع على ما هو عليه اليوم وعدم الإسراع في تغيير الشكل الحالي لهذه الأحداث السنوية باهظة التكلفة.
ويقول باتريك كولر، الرئيس التنفيذي لشركة فوريسيا الفرنسية موردة أجزاء السيارات، والتي تبلغ مبيعاتها سنويا قرابة 19 مليار يورو، إن معارض السيارات تحتاج إلى نهج جديد وإلا ستختفي.
ومع ذلك، فإن منظمي معرض جنيف يعلّقون آملا كبيرة على نجاح هذه النسخة، وقد قاموا بجهود إضافية لاستقطاب أكثر ما يمكن من المصنّعين.
وما يميّز النسخة الحالية من معرض جنيف الدولي للسيارات هو وجود كمّ هائل من السيارات المبتكرة الهجينة، التي باتت من أبرز اتجاهات المصنّعين، كما أنه لم يغب عن ذهن المصمّمين زرع أحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في المركبات الصغيرة.
وستكون بعض الأروقة شاهدة على وصول سيارات رياضية كهربائية ستظهر للعلن للمرة الأولى أمام الجمهور، فضلا عن مركبات الدفع الرباعي التي سقف على منصّات مختلفة تحت قبة المعرض.
موديلات هجينة
يعتبر المعرض فرصة لتقييم السيارات ومعرفة إمكاناتها الحقيقية حتى يتخذ الزبائن قرارات الشراء الصحيحة، وهنا ستكون المنافسة شديدة وفي الوقت ذاته توجد خيارات صعبة للظفر بنسخة تكون منسجمة مع البيئة وليست مكلفة.
وستكون السيارات الهجينة، التي تعتمد على محركين بدلا من محرك واحد، أحدهما كهربائي صغير يعمل على البطاريات لأداء مهام ثانوية ضمن السيارة، أحد أبرز الموديلات في المعرض.
وقبل أيام من انطلاق الحدث، أعلنت شركة بيجو الفرنسية عن تقديم سيارة هجينة اختبارية رياضية من طراز 508، تتألف من محرك بنزين بقوة 147 كيلوواط/200 حصان، ومحرك كهربائي على كل محور.
وتولّد منظومة الدفع الهجين قوة إجمالية تبلغ 294 كيلوواط/400 حصان، وتتضافر جهودها مع نظام الدفع الرباعي لدفع السيارة الصالون من الثبات إلى سرعة 100 كلم/س في غضون 4.3 ثانية، في حين تقف السرعة القصوى عند حاجز 250 كلم/س.
وتستمد المحركات الكهربائية طاقتها من بطارية سعة 11.8 كيلوواط ساعة، ويمكن للمحركين الكهربائيين دفع السيارة بسرعة قصوى 190 كلم/س وحتى مسافة 50 كلم دون الاستعانة بجهود محرك البنزين.
وعلى الرغم من أن معدلات الأداء تضاهي معدلات السيارات الرياضية، إلا أن استهلاك الوقود ينخفض إلى ما دون مستوى السيارات الصغيرة، حيث يبلغ متوسط الاستهلاك نحو لترين /100 كلم.
أما شركة بوريتاليا فستقدّم أيقونتها الهجين بريلينتا الخارقة وهي سيارة كوبيه رياضية تعتمد على هيكل أحادي من ألياف الكربون مع إطار من الألومنيوم، وجسم مصنوع من ألياف الكربون أيضا.
وتعتمد السيارة على نظام دفع هجين يتألف من محرك بنزين ثماني الأسطوانات، وآخر كهربائي على المحور الخلفي. وتتضافر جهود كلا المحركين لتوليد قوة 965 حصانا.
ويمكن لقائد السيارة تهيئة نظام الدفع الهجين بعدة طرق عبر شاشة اللمس المركزية الكبيرة أو عن طريق أحد التطبيقات على الهاتف الذكي.
وأشارت الشركة الإيطالية إلى أن إنتاج السيارة سيقتصر على 150 نسخة فقط، غير أنها لم تكشف عن الأسعار ولا موعد الطرح.
كما ستقدّم شركة بيش أوتوموتيف السويسرية أيقونتها مارك زيرو الرياضية، والتي تعتمد على نظام الدفع الكهربائي وبالتركيز على مفهوم البنية الخفيفة، حيث يصل وزنها إلى 1.8 طن فقط.
وقالت الشركة التابعة لمجموعة فولكسفاغن الألمانية إنه تم تصنيع بطارية السيارة، بالاعتماد على نوع جديد من الخلايا يسمح بتدفقات أعلى للتيار خاصة أثناء عملية الشحن.
وتكفي شحنة البطارية لقطع مسافة 500 كلم، كما أن نظام البطارية يتوزع على النفق الأوسط والمحور الخلفي، وهو ما يحقق “توزيعا للحمولة المحورية” الأمر اللازم للقيادة بنمط رياضي.
وتعدّ البنية الهيكلية المرنة والمفتوحة من الخصائص المميزة للسيارة الكهربائية الجديدة، والتي لا تقتصر على إتاحة العمل بنظام دفع كهربائي فحسب، بل إنها توفر إمكانية استعمال نظام الدفع الهجين ونظام الدفع بخلية الوقود أو حتى استعمال محرك احتراق داخلي.
وستعرض فولكسفاغن موديلا هجينا من أيقونتها باسات المنتمية إلى الفئة المتوسطة بقوة 160 كيلوواط/218 حصانا، والتي تصل لمدى سير كهربائي 55 كلم في دورة القيادة.
ويطل الطراز ببعض الرتوش التصميمية، ويمكنه الآن أن يسير بنظام قيادة آلي جزئي حتى سرعة 210 كلم، كما حصلت السيارة على كشافات ماتريكس ذكية، ومقود يكتشف وجود القائد باللمس.
وأعلنت شركة ستروين الفرنسية لصناعة السيارات، عن نيتها تقديم السيارة الكهربائية “آمي ون” خلال معرض جنيف، والتي تأتي بتصميم فريد وغريب، وهيكل صغير مستطيل الشكل بطول مترين ونصف وعرض متر ونصف تقريبا.
كما زوّدت السيارة بأبواب تفتح للخلف، وسقف متحرك ومقصورة تتسع لشخصين، مزوّدة بعجلة قيادة رياضية وشاشتين إلكترونيتين، ومكان مخصص للهاتف الذكي الذي يمكن أن يحلّ محلّ شاشة إضافية.
ويأتي طرح السيارة في وقت ينافس فيه المصنّعون في بيئة لم تكن قبل سنوات ذات أهمية بالنسبة لهم، لكنها باتت ذات ربحية أكبر بالنسبة لهم حينما تعلق الأمر بتكنولوجيا متاحة اليوم في الهواتف الذكية.
وبحسب الشركة الفرنسية، يمكن فتح هذه السيارة وإغلاقها وتشغيل محركاتها عبر تطبيق خاص علي الهواتف الذكية.
ومن خلال التطبيق نفسه، يمكن للسائق الاطلاع على الحالة الفنية للسيارة ومقدار شحن بطارياتها، التي صممت لتجعلها تقطع مسافة 100 كلم بالشحنة الواحدة، وبسرعة تصل إلى 45 كلم/ساعة.
وحتى العلامة الإسبانية هيسبانو سويزا المتخصصة في صناعة السيارات الفاخرة ستقدم أيقونتها كارمن، التي تظهر للمرة الأولى للعلن، يتوقع أن تجذب اهتمام الزوار كونها عبارة عن مركبة سياحية كبيرة تعمل بنظام الدفع الكهربائي بالكامل.
وتم تصميم كارمن المصنوعة يدويا بشكل كامل استنادا إلى هيكل أحادي من ألياف كربونية متين. وهذا يوفر الأساس لرفاهية السيارة الاستثنائية والراحة والابتكار والاهتمام بالتفاصيل، والتي يتم دمجها بشكل فريد مع الأداء الفائق من الناحية التكنولوجية.