اخبار

أسعار السيارات ترتفع بسبب رسوم ترامب.. والأميركيون يعودون للأوتوبيس

أثرت الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على السيارات بشكل كبير علي رفع الأسعار بآلاف الدولارات، ويأمل مؤيدو النقل العام أن يدفع ارتفاع أسعار السيارات المزيد من الناس إلى نظام النقل الأمريكي، وأن يحفّز الاستثمار الحكومي لتحسين الخدمة.

ومن المرجّح أن تزيد الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب بنسبة 25٪ على السيارات كلّها المشحونة إلى الولايات المتحدة من التكاليف على الأعباء المالية الباهظة أصلاً للقيادة، ويمكن للمستهلكين توفير آلاف الدولارات سنوياً بالتحول إلى وسائل النقل العام.

وقال بول سكوتيلاس، الرئيس التنفيذي للجمعية الأمريكية للنقل العام، نعتقد أن هناك فرصة مناسبة لوسائل النقل العام لتطرح نفسها خياراً عملياً.

وتُعدّ تكاليف النقل ثاني أكبر نفقات المستهلكين بعد السكن، إذ تمثّل 15٪ من متوسط الإنفاق، ويعود ذلك في جزء كبير منه إلى تكاليف القيادة وصيانة السيارة.

وتؤثّر هذه التكاليف بشدة في الأسر ذات الدخل المنخفض، وينفق الأمريكيون ذوو الدخل المحدود نحو 30٪ من دخلهم على النقل، وفقاً لمكتب إحصاءات النقل.

ويعاني العديد من الأمريكيين هذه التكاليف، وقد بلغت معدلات التأخر في سداد قروض السيارات أعلى مستوياتها منذ أكثر من 30 عاماً، وفقاً لما ذكرته وكالة فيتش للتصنيف الائتماني الشهر الماضي.

استخدام وسائل النقل العام يوفّر أكثر من 13 ألف دولار سنوياً

قال سكوتيلاس إن تكاليف السيارات التي سترتفع أكثر بسبب الرسوم الجمركية تمنح الناس سبباً إضافياً للتفكير في بديل جيد للنقل، وخلال عام 2023، حسبت مجموعته أن الأمريكيين يمكنهم توفير أكثر من 13 ألف دولار سنوياً باستخدام وسائل النقل العام بدلاً من القيادة.

وبحسب مجموعة أندرسون الاقتصادية، سترفع الرسوم الجمركية أسعار أرخص السيارات الأميركية بمقدار إضافي يتراوح بين 2.5 و5 آلاف دولار، وما يصل إلى 20 ألف دولار لبعض الطرازات المستوردة، ويعني ذلك زيادة إجمالية في أسعار السيارات بنسبة 13.5٪ في المتوسط، وفقاً لمختبر ميزانية ييل.

وقد لا تُغيّر زيادات الأسعار الناتجة عن الرسوم الجمركية قرارات الأسر الأكثر ثراءً بشراء سيارة جديدة، لكن التكلفة الإضافية قد تُغيّر حسابات الأسر ذات الدخل المحدود التي تُثقل كاهلها أقساط سياراتها، أو تدفع الشباب الذين يشترون لأول مرة إلى تأجيل عمليات الشراء.

ويُعدّ قطاع النقل أكبر مصدر لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري في الولايات المتحدة، إذ يُمثّل أكثر من 28٪ من الإجمالي عام 2022، ويمكن للحافلات والقطارات خفض الانبعاثات بنسبة تصل إلى الثلثين لكل راكب مقارنة بالسيارات الخاصة.

الطرق بدلاً من النقل العام

وقال نيكولاس بلوم، أستاذ السياسة والتخطيط الحضري في كلية هانتر ومؤلف كتاب «كارثة النقل الأمريكية الكبرى»، إن هذه ليست المرة الأولى في التاريخ التي تدفع فيها صدمة اقتصادية الناس إلى استخدام النقل الجماعي.

وخلال الحرب العالمية الثانية، أوقفت الحكومة تصنيع السيارات المدنية وقننت المركبات المتبقية للبيع، مما أجبر الأمريكيين على استخدام وسائل النقل الجماعي بأعداد قياسية.

وتراجعت أعداد ركاب وسائل النقل بعد الحرب، إذ غادر ملايين الأمريكيين المدن إلى ضواحي جديدة أنشأتها سياسات فيدرالية، موّلت بناء الطرق السريعة والطرق، ودعمت ملكية المنازل الجماعية في الضواحي.

ودفعت أزمة الطاقة خلال سبعينيات القرن الماضي المزيد من الناس إلى مشاركة السيارات واستخدام وسائل النقل الجماعي، ولكن بينما استجابت الدول الأوروبية للأزمة بالاستثمار في النقل العام وسياسات صديقة للمشاة، واصلت الولايات المتحدة التركيز على بناء الطرق.

ويؤدي ارتفاع أسعار البنزين عادةً إلى زيادة في أعداد ركاب وسائل النقل، فقد وجدت دراسة أجريت عام 2011 أن كل زيادة بنسبة 10٪ في أسعار البنزين يمكن أن تؤدي إلى زيادة تصل إلى في أعداد ركاب الحافلات وزيادة بنسبة في أعداد ركاب السكك الحديدية.

وعلى سبيل المثال، في عام 2022، أدّى غزو روسيا لأوكرانيا إلى ارتفاع حاد في أسعار البنزين، ما أدّى إلى زيادة كبيرة في عدد الركاب، إذ زاد عدد الركاب بنسبة في مدينة نيويورك خلال الأسبوع الذي تلا الغزو، و في واشنطن العاصمة، و في سان فرانسيسكو.

الاستثمار في خدمة أفضل

يمكن لوكالات النقل العام الاستفادة من هذه الزيادة، إذ تُعد الأجرة مصدراً أساسياً لتمويل هيئات النقل، وخاصةً أكبر أنظمة النقل في أمريكا.

ويبلغ عدد الركاب نحو 85٪ من مستويات ما قبل الجائحة على مستوى البلاد، ويهدد العجز في ميزانية هيئات النقل في شيكاغو ومدن أخرى في جميع أنحاء البلاد بخفض الخدمات وتسريح العمال ورفع الأجرة، ولا يزال عدد الركاب راكداً في العديد من المدن حتى بعد خمس سنوات من تحول الناس إلى العمل من المنزل خلال الجائحة.

ولن يزيد ارتفاع أسعار السيارات من عدد ركاب وسائل النقل العام في المناطق التي تفتقر إلى خيارات النقل الجماعي أو تنعدم فيها، ولكي يكون النقل بديلاً فعّالاً للقيادة، يجب على المحليات والولايات والحكومة الفيدرالية زيادة الاستثمارات في خدمات نقل متكررة وموثوقة.

وقالت ميدوري فالديفيا، مستشارة النقل وعضو مجلس إدارة هيئة النقل الحضرية في نيويورك، إن معظم المدن الأمريكية لا تمتلك أنظمة نقل ممتازة، لأننا لا نستثمر فيها، مضيفة أن الحكومات لم تقدّم خيارات ويبدو أن امتلاك سيارة هو الخيار الوحيد.

ويأتي نحو ثُلثي إيرادات هيئات النقل من الحكومة، ومعظمها من حكومات الولايات والحكومات المحلية، وتنفق الحكومة الفيدرالية على الطرق أكثر بكثير من النقل 80٪ من ضريبة البنزين الفيدرالية، التي تُساهم في تمويل مشاريع البنية التحتية، مُخصصة للطرق، 20٪ منها مُخصص للنقل.

وأبدت وزارة النقل في إدارة ترامب موقفاً مُعادياً لمبادرات النقل الرئيسية في نيويورك وكاليفورنيا، إذ ألغت الموافقة على برنامج تسعير الازدحام في مدينة نيويورك، وأعلنت عن مراجعة مشروع السكك الحديدية عالية السرعة في كاليفورنيا.

وقال وزير النقل شون دافي إن الإدارة ستُعطي الأولوية للمشاريع والأهداف التي تُعطي الأولوية للمجتمعات التي ترتفع فيها معدلات الزواج والولادة عن المتوسط الوطني، وهذا يعني تمويلاً أقل للمناطق الحضرية ذات الاستخدام الأعلى للنقل، وفقاً لتحليل أجراه المعهد الحضري.

وقال بن فورناس، المدير التنفيذي لـ«بدائل النقل»، وهي مجموعة مناصرة للنقل، إنه إذا كنا نسحب تمويل النقل ونزيد تكلفة السيارات، فهذا يُسبب المزيد من المعاناة للأسر ويترك الناس في وضع حرج.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى