‘التاكسي الوردي’ يحفظ خصوصية الأردنيات
تتفقد نسرين، وهي أرملة وأم لثلاثة أطفال، سيارة أجرة تعمل عليها، ثم تنطلق في شوارع عمان المزدحمة بحثا عن الركاب، فهي تعمل ضمن مشروع “التاكسي الوردي” الفريد من نوعه الذي يؤمن سيارات أجرة للنساء تقودها نساء عبر تطبيق هاتفي.
ونسرين عكوبة البالغة من العمر 31 عاما مجازة في التمريض، لكنها تركت مهنتها بعد وفاة زوجها قبل نحو أربعة أعوام، وانضمت إلى مشروع “التاكسي الوردي” الذي يهدف إلى تأمين المزيد من الراحة والخصوصية للنساء في بلد محافظ إلى حد كبير.
وتأمل نسرين وزميلاتها العشر في المشروع، تحويل قيادة السيارة إلى مهنة لا تقتصر على الرجال. وتقول “أريد أن أكسر ثقافة العيب وأثبت للعرب أن المرأة قوية وباستطاعتها العمل في أي مجال”. وتضيف “طالما كان باستطاعة المرأة قيادة سيارة عادية، فلماذا لا تقود سيارة أجرة؟ ما الضير في ذلك؟”.
وتفيد أرقام إدارة السير بأن أكثر من نصف مليون امرأة يحملن رخصة قيادة في الأردن، من مجموع مليونين و250 ألف رخصة.ز وتتابع نسرين مبتسمة وقد ارتدت قميصا ورديا وربطة عنق زرقاء، وهو زي تفرضه الشركة على السائقات، “أحب عملي هذا، السير في شوارع المدينة يشعرني بسعادة غامرة، فهو يعرفني كل يوم على أناس جدد أستفيد من حواراتي معهم ومن قصصهم وتجاربهم الشخصية”.
لكن هذا العمل ليس سهلا، كما تقول، فهو “يتطلب تركيزا وانتباها شديدين، خصوصا في أوقات الزحمة والذروة من الساعة السابعة وحتى التاسعة صباحا، ومن الساعة الواحدة من بعد الظهر وحتى الخامسة مساء”.
أرقام إدارة السير تفيد بأن أكثر من نصف مليون امرأة يحملن رخصة قيادة في الأردن، من مجموع مليونين و250 ألف رخصة.. وتشهد عمان التي يسكنها نحو 4 ملايين نسمة والتي تسير في شوارعها يوميا نحو 1.44 مليون مركبة منها 11800 سيارة أجرة، ازدحامات خانقة.
وتشعر نسرين التي تعمل نحو عشر ساعات يوميا بالسعادة عندما يوجه لها بعض الناس إشارات الرضا والإعجاب، لكن رغم ذلك “هناك دائما من يريد أن يقول لي إن هذا العمل للرجال وإن مكاني هو البيت”.
وتقول “لطالما أردت قيادة السيارات وحتى الباصات الكبيرة إلا أن ثمة نظرة سائدة بأنها مهنة مخصصة للرجال”.
وترفض نسرين الكشف عن دخلها الشهري أو ما تكسبه يوميا من عملها هذا، وتقول “راتبي جيد وعندي تأمين صحي وضمان اجتماعي وإجازات، والسيارة تبقى معي طوال النهار، لذلك تراني أعمل بكل حرية”.
وأغلب زبائن نسرين ممرضات ينهين عملهن في أوقات متأخرة من الليل وطالبات جامعيات وأمهات يطلبنها لاحضار أطفالهن من الحضانة، بالاضافة إلى سائحات سعوديات لا يسمح لهن أزواجهن بالخروج وحيدات بين الرجال.
وتقول الطالبة الجامعية، غنى الأسمر، (19 عاما) إنها “تشعر بالراحة والأمان” مع تاكسي السيدات، وخصوصا “عندما أنتهي من دراستي في الجامعة في المساء أو عندما أخرج من منزلي في الليل”.
ولكن محمد أحمد، الموظف الحكومي البالغ من العمر 50 عاما، يرى أن هذا العمل “لا يليق بالنساء. فنحن نعيش في مجتمع شرقي محافظ تحكمه الأعراف والتقاليد العشائرية”. ويضيف “هناك أعمال ومهن كثيرة تناسب قدرات المرأة وتحفظ مكانتها في المجتمع وتبعد عنها أي نظرة سلبية”. وتوفر شركة “التاكسي المميز”، عبر تطبيق هاتفي، سيارات التاكسي الوردي للنساء وسيارات أجرة عادية وكهربائية وعائلية كبيرة.
ويقول عيد أبوالحاج، رئيس مجلس إدارة “مجموعة أبوالحاج للاستثمار” التي تملك شركة “التاكسي المميز”، إن شركته التي تملك 400 سيارة أجرة منها 300 سيارة هجينة (هايبرد) و100 سيارة تعمل على الطاقة الكهربائية، “تهدف من خلال توفير هذه السيارات الخاصة بالنساء إلى منح المرأة المزيد من الراحة والخصوصية”.
وأطلق المشروع في 21 مارس الماضي بمناسبة عيد الأم. وتوظف الشركة اليوم عشر سائقات تتراوح أعمارهن بين 30 و45 عاما.. ويرى الحاج أن النساء “أكثر حذرا ويتسببن في أقل عدد من الحوادث”، مؤكدا أن “أغلب سائقاته كن يعملن مدربات في مراكز تدريب على القيادة”.