الثقافة المؤسسية- الدافع الرئيسي للنمو على المدى الطويل
جاءت الأحداث الأخيرة التي شهدها سوق النقل التشاركي خلال الأسابيع الماضية في وقتها تماماً لتذكرنا بأمور هامة جداً نحن وكافة الشركات الناشئة الأخرى. إنّ النمو أصبح أمراً ضرورياً لا غنى عنه لأي شركة ناشئة، حيث يُعد النمو دليلا عمليا على نجاح تلك الشركة، فضلاً عن قدرته في جذب مستثمرين جدد، وخبرات ومواهب محلية وإقليمية متميزة، وتوفير المناخ الحماسي الداعم للإنجاز داخل الشركة. ولكن يجب علينا إدراك أنّ تحقيق النمو لابد ألا يأتي أبداً على حساب الثقافة المؤسسية للشركة الناشئة، بل على العكس تماماً، فالنمو يجب أن يكون نتاجاً أساسياً لتلك الثقافة.
عندما بدأنا كريم منذ خمس سنوات مضت، لم تكن لدينا الدراية الكافية بحجم التعقيدات المتعلقة بزيادة حجم الشركة، ولكن كان لدينا حدساً دقيقاً بأهمية الثقافة المؤسسية. فخلال الأيام الأولى لانطلاقنا، قمنا بصياغة النسخة الأولى من قيمنا المؤسسية (مسرودة ادناه). لقد أصبحت هذه القيم التي تعكس تركيزنا على العملاء وتحقيق التميز والاهتمام بالعاملين والثقافة والمجتمعات التي نعمل بها، تمثل الدعائم التي نبني عليها ثقافتنا المؤسسية. وتمثل هذه الدعائم الخمس البوصلة التي توجه كافة قراراتنا وأنشطتنا وسلوكنا وأسس اختيارنا لزملاء جدد، وبالطبع تقييم أدائنا السوقي. وبالفعل تطورت تلك القيم منذ ذلك الحين، وأصبحت فعلياً “النجم القطبي” الذي نهتدي به طوال مسيرتنا وحتى الآن.
القيم الخمس الرئيسية لشركة كريم*
- العميل أولاً: عملاء كريم هم السبب الرئيسي في وجود الشركة، ولهذا نعمل جاهدين على إرضائهم، من خلال فهم رؤيتهم واحتياجاتهم، وتصميم المنتجات والخدمات التي تعمل على تلبية تلك الاحتياجات، والسعي بكل السبل لجعلهم سعداء.
- منتجات وخدمات طبقاً لأرقى المستويات العالمية: ستصبح شركة كريم واحدة من أفضل الشركات في خدمات النقل التشاركي على مستوى العالم. وسنتمكن من إنجاز ذلك عن طريق ريادتنا في وضع نماذج أعمال وممارسات مبتكرة وفريدة من نوعها في هذا القطاع، والعمل بسلاسة، وتوظيف أفضل الكفاءات في السوق، والتركيز على فرص الأعمال الكبيرة.
- توظيف أفضل الكفاءات والخبرات الاستثنائية: ستقوم الشركة بتوظيف مجموعة من أفضل الخبرات والكفاءات والمواهب الموجودة في السوق، مع تمكينهم وجعلهم شركاء حقيقيين لنا في النجاح، والاهتمام بتنمية مهاراتهم الاحترافية. إنّ موظفي كريم سيكونون بالتأكيد ميزة تنافسية لنا.
- ثقافة التعاون والصدق والمرح: ستقوم الشركة بالترويج لثقافة مؤسسية مرنة غير هرمية تعتمد على مكافأة النجاح المشترك، حيث يعتني العاملون بنجاحات وإنجازات بعضهم البعض، مع الاهتمام بتطوير المهارات الاحترافية، بحيث يكون لكل موظف (بغض النظر عن عمره ووظيفته) الحق في الاختلاف وابداء رأيه، في بيئة عمل تُعلي من قيم المصداقية والترويج للمرح!
- العمل على تطوير المجتمعات التي نعمل بها: تسعى الشركة لتحسين حياة البشر والمجتمعات التي تعمل بها، ليصبح هذا الهدف جزءا أصيلاً من رحلتنا.
*المصدر: المناقشات الخاصة بوضع قيم كريم المؤسسية- الأحد 22 يوليو 2012
إنّ الشيء الذي لم ندركه في اليوم الأول الذي بدأت فيه كريم هو التحديات المرتبطة بتطوير تلك الثقافة، خاصة مع النمو السريع الذي شهدته أعمالنا في المنطقة. فخلال السنوات الخمس الأولى، شهدت أعمالنا نمواً بمعدل 10 أضعاف كل عام. ولمواكبة هذا النمو الهائل، كان علينا زيادة عدد العاملين في الشركة بمعدل 3 إلى 5 أضعاف كل عام أيضاً. إنّ هذا النمو في عدد العاملين، خاصة في أكثر من 50 مدينة نعمل بها في المنطقة، تسبب في ضغوط كبيرة على ثقافتنا المؤسسية. نجد أيضاً أن قدامى العاملين الذين عايشوا واعتادوا على ثقافتنا يزداد عددهم يوماً بعد يوم، وبدلا من دمج الزملاء الجدد وتعريفهم بثقافتنا المؤسسية، أصبحوا سريعي التأقلم عليها ومشغولين للغاية في إدارة العمليات التشغيلية بكل سلاسة. إنّ التحديات الخاصة بتطوير الثقافة المؤسسية هي أمر لا يتضمن أية مبالغة. وفي حالتنا، يتطلب ذلك وقتاً طويلاً واستثمارات كبيرة في صياغة الرؤية والأهداف والقيم المؤسسية المطلوبة، وتوصيلها بالشكل الملائم وصياغة النمط السلوكي المطلوب في التعامل معهم.
وفي الوقت الذي قابلنا العديد من العثرات والإخفاقات، تمكنا من تحقيق نجاحات وإنجازات معظم الوقت. إنّ معظم زملائنا مازالوا يعملون في كريم لأنهم يشاركوننا في رؤيتنا وهدفنا الرئيسي المتمثل في تبسيط حياة الناس، هذا إلى جانب حماسهم في بناء مؤسسة قوية ومستمرة في المنطقة وللمنطقة. إنّ كل فرد يعمل في كريم يشارك زملائه الإيمان بمجموعة من القيم التي تتضمن الطموح والتركيز والتعاون وسرعة الحركة والإنجاز. وباعتبارهم حاملو أسهم في الشركة، فإنهم يتمتعون بإحساس فريد لملكية الشركة والحرص عليها. إنّ الإيمان العميق بهذه الأهداف، والسمات الشخصية الساعية لتحقيق النجاح، بالإضافة لملكية العاملين للشركة أتاح لنا الوصول لتوليفة سحرية.
ويمكن بسهولة إدراك هذا السحر ضمن ثقافتنا المؤسسية، حيث تكون الأفكار الجريئة هي الأفضل والأقرب للاختيار، وحيث يصبح مستوى الطموح والتنفيذ في أعلى مستوياته، مع وجود شعور بالثقة المتبادلة بين الزملاء، وحيث يصبح من المعتاد تنفيذ المبادرات بفعالية وسرعة، وحيث تصبح الشفافية حق أصيل للجميع. ستجد هذا السحر أيضاً في استجابة العملاء وردودهم علينا التي نعتبرها بمثابة هدية، وعندما يتم تنفيذ الخطط والأفكار بسرعة مذهلة، وعندما يقوم العاملون بكل ما في وسعهم لإسعاد الكباتن والعملاء.
إنّ هذه الثقافة هي ما يتيح تحقيق النمو المطلوب للشركات الناشئة، وليس السعي لتحقيق النمو كهدف في حد ذاته. قد نكون ارتكبنا بعض الأخطاء على مدار السنوات السابقة، ولكننا نؤمن أنّ هذا الثقافة، والاهتمام الفائق بالكابتن والعميل، والسعادة التي يشعر بها العاملون نتيجة لذلك، هي الحافز الرئيسي والدافع الأساسي للنمو على المدى الطويل.