السيارات الذكية تهدم جدار الخصوصية لدى السائقين
تؤكد الشركات المصنعة للسيارات الذكية على أن اللجوء إلى الذكاء الاصطناعي هو بهدف تسهيل حياة السائقين وحتى تكون تنقلاتهم منسجمة مع البيئة، غير أن هذه الرواية تبدو غير مقنعة للكثيرين.
وفي الفترة الأخيرة، زاد منسوب القلق لدى العديد من الأشخاص حول العالم ممن يريدون امتلاك مركبة تزخر بكل مظاهر الترفيه التكنولوجي لكونها قد تصبح مجرد وسيلة للتجسس عليهم.
وكان هذا التوجس واضحا في معرض الإلكترونيات الاستهلاكية، الذي أقيم مطلع يناير بمدينة لاس فيغاس الأميركية، بعد أن كشفت الشركات عن أحدث التقنيات التي تستخدمها في مركباتها والقادرة على جمع البيانات الخاصة بأصحابها.
ولا توجد معلومات دقيقة حتى اليوم حول حاجة الشركات إلى هذه البيانات “السرية”، التي يُفترض أن تباع لشركات التسويق فقط حتى تقوم بقياس رغبات المستهلكين حول العالم.
وبدأ تصاعد المخاوف يظهر بوضوح بعد أن أظهرت الحكومة الأميركية قبل ثلاث سنوات دعمها للسيارات ذاتية القيادة، والمساهمة في تسريع وتيرة تطويرها وإنتاجها بعد أن قضّى عملاق التكنولوجيا شركة غوغل صاحبة الفكرة سنوات طويلة للتجهيز لها واختبار مثل هذه السيارات على الطرق المختلفة.
وأشارت مواقع إلكترونية متخصصة في عالم السيارات إلى أن شركات تصنيع السيارات الكهربائية، بما في ذلك تسلا الأميركية الناشئة، فضلا عن الشركات التقليدية مثل فولكسفاغن وبي.أم.دبليو الألمانيتين وفورد الأميركية، تعمل على نقل المعلومات للسلطات في الدول التي تسير فيها مركباتها.
وبينما تنفي الجهات الحكومية ذلك الأمر وتدفع ببراءتها بالقول إن البيانات تُستخدم على نطاق ضيق يركز فقط على ضمان سلامة الطرقات والسيارات والسائقين، إلا أن خبراء الخصوصية يخشون من أن تلك البيانات قد تستخدم في أشكال مراقبة أكثر تشديدا.
وتستطيع السيارات الحديثة تتبع كل شيء، مثل موقع تواجدها والسرعة التي يقود بها السائق والأغاني أو محطات الراديو التي يفضل الاستماع إليها، بالإضافة إلى معرفة وزن السائق. ويؤكد العديد من الخبراء والمختصين أن السيارات الذكية تتمكن حتى من مراقبة حركة عيني السائق وحساب وزن الراكبين الجالسين على المقعدين الأماميين والأطعمة المفضلة لديهما.
وكمثال على ذلك، قدمت بي.أم.دبليو نظام مساعدة ذكي للسائق قادر على التعرف على درجة الحرارة التي يفضلها والطرق التي اعتاد على القيادة عبرها ليرسل أحدث الأخبار المتعلقة بالطرق وازدحامها إذا رأى أن السائق يقود في منطقة معتادة، حتى وإن كان نظام الملاحة مغلقا.
وتسعى بعض الشركات إلى تزويد السيارات بنظام مساعدة السائق، الذي سيعمل قريبا في الولايات المتحدة بنظام الجيل الخامس، لإتاحة التواصل مع هواتف الأشخاص الذين يعبرون الطرقات ليقلل ذلك من وقوع حوادث السير المتعلقة بالمشاة.
ويمارس الشق المتشائم من تفشي التكنولوجيا في مركبات المستقبل ضغوطا على السلطات في مختلف الولايات الأميركية لاقتناعهم بأنها تشكل خطرا على الناس كونها تخترق معطياتهم الشخصية. ويشير هؤلاء إلى أن المصنعين يتابعون موقع السيارة وسرعة القيادة، بالإضافة إلى الموسيقى عن طريق أنظمة متصلة بالشبكة العنكبوتية؛ الإنترنت.
وما يعزز الشكوك حول هذه المشكلة العالمية، التي قد تعيد حسابات المصنعين، هو مطالبة الحكومة الصينية جميع شركات تصنيع السيارات الكهربائية التي تعمل في البلاد بتقديم كافة المعلومات عن أصحاب السيارات، الذين تعاقدت معهم لبيعهم سيارتها الذكية.
ويقول المختصون إن الخطوة ربما تزيد من أدوات المراقبة المتوفرة للصين، حيث يراهن الرئيس شي جين بينغ على زيادة استخدام التكنولوجيا لتعقب المواطنين، بل قد تتجاوز إلى أبعد من ذلك لتصل إلى تقويض المركز التنافسي لشركات صناعة السيارات الأجنبية.
وتنقل السيارات الكهربائية في الصين البيانات من مستشعرات السيارة إلى الشركة المصنعة لتقوم بدورها بإرسال ما لا يقل عن 61 نقطة بيانات، بما في ذلك الموقع والتفاصيل عن البطارية ووظيفة المحرك إلى المراكز المحلية.
وتتدفق تلك البيانات إلى مركز مراقبة لمركبات الطاقة الجديدة التي يديرها معهد بكين للتكنولوجيا، والتي تسحب المعلومات من أكثر من 1.1 مليون مركبة في جميع أنحاء البلاد، وفقا لبيانات التحالف الوطني الكبير لمركبات الطاقة الجديدة.