الشاحنات العصرية فى عالم اليوم.. ضرورة حياتية أم خيار لنمط الحياة؟
تم تصنيع الشاحنات الأولى في القرن الماضي نظراً للحاجة الملحة لاستخدامها، حيث كان المزارعون والتجار الذين ينقلون الأحمال الثقيلة يعملون على تخصيص سياراتهم لنقل مختلف السلع والبضائع. وقد تطورت المركبات التي كانت تعتبر وسيلة نقل مخصصة للعمل لتصبح وسيلة النقل المفضلة لدى الكثيرين نظراً لتعبيرها عن شخصيتهم ومكانتهم الاجتماعية ومركزهم الوظيفي.
ففي الماضي، عندما كان الشخص يبحث عن سيارة أنيقة أو مناسبة للعائلة كان اختياره عادة ما يقع على سيارات السيدان أو أحياناً السيارات الرياضية المتعددة الاستعمالات المتناسبة من نمط حياته. وفي حال حاجته لسيارة مخصصة للعمل، فعادة ما كان يختار البحث عن شاحنة لشرائها، إلا أن الخيارات تبدلت في أيامنا هذه وباتت معالمها غير واضحة تماماً.
منذ تسعين عام، بدأت سيارات تصنيع السيارات الأميركية بتوسيع آفاقها وتصميم الشاحنات بعدما لاحظت نمو السوق الخاص بالمزارعين والتجار الذين كانوا يبحثون عن الوسيلة الأفضل والأسهل لنقل البضائع الثقيلة. ومع مرور السنين، بات العديد من صانعي السيارات حول العالم يلعبون دوراً حيوياً في القطاع، من خلال محاولاتهم الحثيثة للمنافسة بتصنيعهم للعديد من الشاحنات الأكبر والأقوى والأكثر خفة ورشاقة، الأمر الذي ما زال مستمراً حتى يومنا هذا. فقد شهد قطاع الشاحنات نمواً كبيراً، كما أن مبيعات هذه الشاحنات تعدت مبيعات سيارات السيدان متوسطة الحجم في الربع الأول من العام 2017 في الولايات المتحدة.
يعتقد الكثيرون بأن المنافسة هي أمر صحي، وقد ظهر هذا الأمر بشكل واضح في قطاع الشاحنات خلال الثلاثينات من القرن الماضي، بحيث شهد القطاع ظهور العديد من الشركات التي أسست لحصول تطور كبير في مجال هندسة الشاحنات والتي صممت خصيصاً للتنافس على أوسع نطاق. في ذلك الوقت، كان يتم تزويد الشاحنات بمحركات V4 وV6، قبل أن يتم إطلاق المحرك V8 الذي منح الأداء الفعال للسيارات. وفي وقت لاحق، باتت هذه الشاحنات، وبفضل نظام الدفع الرباعي، تستطيع السير على أي نوع من الطرقات وفي كافة التضاريس، إضافة إلى تزويدها بقدرة تخزينية أكبر بحيث باتت مساحة صندوق التحميل تبلغ 7.5 إلى 9 قدم.
ونظراً للتنافس المحموم في القطاع، باتت الشاحنات أكثر سهولة للقيادة، مع نظام تغيير السرعة الأوتوماتيكي، وأنظمة التعليق الأمامية المستقلة، والقوة المعززة في الفرامل ونظام التوجيه، الأمر الذي يمكن السائقين الذين لا يمتلكون الخبرة الكافية من قيادة هذه المركبات الثقيلة، التي باتت في أيامنا هذه قادرة على نقل ما يزيد عن 10,000 رطل من الأمتعة والبضائع.
ولم يطل الانتظار كثيراً حتى أصبحت الشاحنات من المركبات المرغوبة لدى نوع جديد من العملاء: السائقين في المدن. ففي التسعينات من القرن الماضي تم تزويد شاحنة سيكلون من جي إم سي بمحرك V6 سعة 4.8 لتر المشحون تربينياً بقوة 280 حصان، وقد أدى إن نظام الدفع الرباعي الدائم والمتكامل، مع نظام التعليق المنخفض إلى منح شاحنة سيكلون رشاقة متميزة وجعلها الأقوى من ناحية السرعة من بين منتجات جي إم سي الأخرى في العام 1991.
ومع ازدياد شعبية الشاحنات التي استمرت بالنمو، فإنها سرعان ما أصبحت رمز لمكانة السائق على الطرقات وتعبيراً عن شخصيته.
إن التأقلم مع هذا النوع من المركبات وتقبله من قبل الناس، إضافة إلى التنوع في الطرازات والتجهيزات المتاحة، مكن العملاء من الاختيار بين مجموعة واسعة من الخيارات انطلاقاً من الشاحنات المخصصة للعمل والمتناسبة مع الأشخاص الذين يحتاجونها للعمل، أو السيارات المخصصة للسير على الطرقات الوعرة للأشخاص المغامرين، مروراً الشاحنات ذات الأبواب الأربعة والمخصصة لنقل العائلات وصولاً إلى الطرازات الثقيلة والتي تتميز جميعها ذات المستوى من الراحة والفخامة.
ويبدو بأن التأقلم والاعتياد على هذا النوع من المركبات وتقبله من قبل الناس يبلغ ذروته في منطقة الشرق الأوسط، بحيث باتت هذه الشاحنات تمثل في أيامنا هذه سفينة الصحراء التي تنقل الناس عبر الكثبان الرملية بكل راحة وسهولة. حيث لعبت الشركات المصنعة للشاحنات كجي إم سي دوراً حيوياً في نمو المنطقة منذ حضورها في عام 1926، بحيث باتت تشكل جزءاً من ثقافة منطقة الخليج وأسلوب الحياة فيها.
باتت الشاحنات في أيامنا هذه تشكل امتدادا لسائقيها، بحيث تعتبر انعكاساً لشخصياتهم ولمكانتهم الاجتماعية او الوظيفية، لقد بات من الطبيعي لهذه السيارات ذات القدرات الحصانية العالية جداً أنها لا تستخدم في المهام الثقيلة مرة واحدة خلال دورة حياتها. بحيث باتت مزايا الاستعمال المتعدد لهذه المركبات مناسبة لجميع أنماط الحياة للمغامرين المدنيين، الذين يستخدمون هذه المركبات بشكل يومي للذهاب إلى العمل خلال أيام الأسبوع أو للقيام بالرحلات الصحراوية أو الرحلات إلى الشاطئ خلال أيام نهاية الأسبوع.
إن التبدل الحاصل على صعيد الخيارات لناحية تفضيل الشاحنات، أدى إلى دفع مصنعي السيارات للتنافس من جديد في هذا المجال، حيث باتت الشاحنات الفاخرة التي تصنع في أيامنا، والمزودة بأحدث التكنولوجيات ومواصفات السلامة، متوافرة بالعديد من الخيارات لتكمل المجموعة بالمركبات الرياضية، المخصصة للطرقات الوعرة أو المصقولة، إضافة إلى تزويد العملاء بمجموعة من المركبات المتنوعة الأحجام وخيارات المقاعد وذلك من أجل تلبية جميع الاحتياجات الخاصة بالعملاء.
كما يشهد السوق أيضاً تنامياً مضطرداً للشاحنات ذات المواصفات العالية والمخصصة للسائقين المتميزين، كشاحنة دينالي من جي إم سي التي تتميز بالرفاهية والفخامة المنافسة للرفاهة التي يمكن تجربتها في سيارات السيدان والسيارات الرياضية المتعددة الاستعمالات التي تنتجها العلامات الفاخرة.
ورغم أن الشاحنات الحديثة قد ارتقت بمستواها لا سيما لناحية التعزيزات والتحسينات، والتصاميم (كما في شاحنة سييرا من جي إم سي)، إضافة إلى تزودها بكافة المزايا الرئيسية للسيارات الفاخرة، إلا أنها ما زالت تحافظ على قدراتها الحصانية وفعاليتها وأدائها التقليدي والمعروف، بحيث يمكن استعمالها كسيارة متينة ومتعددة الاستعمالات لتحميل البضائع أو نقلها، بقدرات تمكنها من السير على الطرقات المختلفة وفي كافة الظروف الجوية. وبفضل قدرتها على الجمع بين ميزة تعدد الاستخدامات، الراحة والرشاقة، الأمر الذي تم تطويره مع مرور السنين، باتت الشاحنات اليوم، أكثر من أي وقت مضى، رمز للمكانة ولخيار نمط الحياة، والمعبرة بشكل كبير وواضح عن شخصية السائق الذي يقودها.