تقرير : نمو السيارات الكهربائية يتجاوز انتشار نقاط شحن البطاريات
انطلقت مبيعات السيارات الكهربائية، ويتزايد عددها على الطريق أسرع من عدد نقاط الشحن العامة لدعمها، وهذه واحدة من الاستنتاجات الهامة التي توصلت لها دراسة عميقة حول حالة البنية التحتية للشحن العمومي، والتي نشرها زميلي في “بلومبرغ إن إي إف”، ريان فيشر مؤخراً.
ارتفع عدد المركبات الكهربائية على الطريق لكل نقطة شحن عامة على مستوى العالم إلى 9.2 في نهاية العام الماضي، من 7.4 في نهاية عام 2020.
هذا الأمر ليس مثيراً للدهشة، بعد أن كان العام الماضي مميزاً لمبيعات السيارات الكهربائية على مستوى العالم، وبيعت 6.6 مليون سيارة، بينما كان نمو البنية التحتية للشحن أكثر تماشياً مع المتوسطات التاريخية.
ومع ذلك، تُخفي البيانات العالمية الكثير من الفروق الدقيقة، وعلى مستوى الدول، تصبح الآليات مثيرة للاهتمام حقاً، وعلى سبيل المثال، رغم المبيعات القياسية للمركبات الكهربائية في الصين العام الماضي، نجحت نقاط الشحن العامة هناك في مواكبة هذه الزيادة، وظلت النسبة بين المركبات الكهربائية ونقاط الشحن ثابتة نسبياً منذ عام 2018، ويرجع ذلك إلى الجهود الهائلة في الصين لتوسيع البنية التحتية للشحن، وتشكل الدولة أكثر من نصف نقاط الشحن العامة في العالم.
أما في أسواق مثل الولايات المتحدة، ارتفع عدد المركبات الكهربائية على الطريق مقابل كل نقطة شحن بشكل مطرد خلال العام الماضي، لذلك هناك عدد أقل من نقاط الشحن لكل سيارة كهربائية على الطريق.
ويتضح هذا الواقع أكثر في أوروبا، حيث ارتفعت مبيعات السيارات الكهربائية منذ عام 2019، وفي ألمانيا، ارتفعت النسبة من 8 مركبات كهربائية لكل نقطة شحن عامة في عام 2019 إلى 20 في عام 2021.
ربما تحتاج دولة مثل الصين إلى أجهزة شحن عامة أكثر من الولايات المتحدة أو ألمانيا بسبب طبيعة المساكن هناك، حيث تعيش نسبة أعلى بكثير من الناس في شقق داخل مبانٍ شاهقة الارتفاع، وبالتالي من غير المرجح أن يكون لدى هؤلاء السكان خيارات الشحن المنزلي، وسيحتاجون إلى الاعتماد على الشبكة العامة أكثر من ملاك السيارات الكهربائية في إحدى ضواحي الولايات المتحدة، والذين يشحنون سياراتهم في 80% إلى 90% من المرات بالمنزل في مرآبهم.
ويتكرر المشهد في المناطق الجغرافية المعنية، عندما يتعلق الأمر بنقاط الشحن السريعة وفائقة السرعة، ففي الصين، يوجد 16 مركبة كهربائية لكل شاحن فائق السرعة، أما في الولايات المتحدة، يزيد هذا الرقم عن 100، وفي هولندا، التي تتمتع بشكل عام بأفضل نسبة نقاط شحن لكل سيارة كهربائية، تعد معظم القوابس من أجهزة الشحن البطيئة.
وعند تحليل البيانات، يزداد الميل للرجوع إلى المفاهيم العامة المقبولة على نطاق واسع حول ما مدى الحاجة إلى المزيد من البنية التحتية للشحن، وهو ميل صحيح بالتأكيد، لا سيما بالنظر إلى أن أسطول السيارات الكهربائية سيتنامى في السنوات المقبلة.
ولا يُعدّ أمراً سيئاً أن ترتفع نسبة المركبات الكهربائية على الطريق لكل شاحن، وإنما هناك حاجة إلى مزيد من الاستثمار الخاص في البنية التحتية للشحن، وتحقيق ذلك يتطلب استخدام أعلى لكل شاحن لتحسين اقتصاديات تشغيل محطة ما.
العديد من المحطات لا تستخدم بالقدر الكافي، وتحتاج معظم أجهزة الشحن السريعة إلى ما بين 8-10 حالات شحن يومياً لبدء تحقيق عائد لائق للمستثمر، وفقاً لتحليلنا في “بلومبرغ إن إي إف”، ويعتمد الرقم الدقيق بشكل كبير على الأسعار وسرعات الشحن وتكاليف الموقع وهيكل الرسوم والدعم الحكومي والعديد من المسائل الأخرى.
هناك حاجة إلى تحقيق التوازن بين رغبة مشغلي نقاط الشحن السريع في المزيد من جلسات الشحن يومياً، ولكن قد تعني الجلسات الكثيرة أن هناك أوقاتاً سيضطر فيها السائق إلى الانتظار لأن محطة الشحن مشغولة بالفعل، وهذا بدوره يؤدي إلى تجربة أسوأ للعميل، ويريد المشغلون استخداماً مرتفعاً، ولكن ليس مرتفعاً لدرجة تُشعر العملاء بالإحباط.
وتعتبر محطات الشحن الفائق من “تسلا” فريدة من نوعها على هذا الصعيد إذ تمتلك مواقع الشحن الفائق ما معدله 10 نقاط، أو منافذ شحن فائقة السرعة، بينما تحتوي الشبكات المنافسة عموماً على نقطتين إلى أربعة منافذ، لا عجب إذاً في أن عملاء “تسلا” يحبون هذا.
قد لا يكون ذلك قابلاً للتطوير عالمياً، وسيكون تحقيقه بشكل صحيح صعباً في كل مرة، وعلى المدى الطويل، نتوقع أن تستقر النسبة في مكان ما بين 30 إلى 40 سيارة كهربائية على الطريق لكل نقطة شحن عامة، وهنا تقف النرويج اليوم، وهي أكثر أسواق السيارات الكهربائية نضجاً في العالم.
ستحتاج بعض الأسواق نسبة أعلى أو أقل اعتماداً على أنواع المنازل في المنطقة، وقوة الشبكة الكهربائية، ومدى سرعات الشحن العالية في النهاية، وسياسة الحكومة، ويوجد بالفعل عدد متزايد من المحطات ذات قدرة 350 كيلو وات، والتي يمكنها إضافة 100 كيلومتر من المدى إلى السيارات الكهربائية في بضع دقائق فقط.
ومن المحتمل أن ينتهي الأمر بكل بلد بمزيج مختلف من الشحن في المنزل وفي النقاط العامة وفي أماكن العمل، وكذلك انتشار متفاوت لمنافذ الشحن الكهربائي، وعلى المستوى العالمي، من المرجح أن تستمر نسبة المركبات الكهربائية على الطريق إلى نقاط الشحن في الارتفاع في السنوات المقبلة، وهذا ليس بالضرورة أمراً سيئاً.