اخبار

سخط عارم بين المصريين بعد ارتفاع أسعار الوقود

وسط مشاعر صدمة وسخط عارم  كبير لدى المصرين بعدما رفعت الحكومة أسعار الوقود للمرة الثانية خلال ثمانية أشهر فقط بنسب تصل إلى 100%.

وجاء قرار الحكومة  برفع أسعار الوقود بعد أيام قليلة من إعلان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي زيادة دعم الفرد في البطاقة التموينية بنحو 140%وبعد حوالي شهر من إقرار حكومة شريف إسماعيل حزمة ضمان اجتماعي بقيمة 43 مليار جنيه (2.4 مليار دولار).

وقال خالد عبد الرحيم مدير إحدى محطات الوقود في الفيوم لرويترز “توقيت إصدار القرار سيثير موجة من الغضب بين المواطنين في الفيوم خاصة أنهم كانوا في حالة من الفرح بعد تطبيق علاوة الغلاء وزيادة الدعم التمويني.. لكن ارتفاع أسعار الوقود سيحول حالة الفرحة إلي حزن”.

وقال وزير البترول طارق الملا لرويترز يوم الخميس إن الحكومة رفعت سعر البنزين 92 أوكتين إلى 5 جنيهات للتر من 3.5 جنيه بزيادة نحو 43 بالمئة كما رفعت سعر البنزين 80 أوكتين إلى 3.65 جنيه من 2.35 جنيه بزيادة نحو 55 %.

ورفعت مصر سعر السولار نحو 55% ليصل إلى 3.65 جنيه للتر من 2.35 جنيه.

وبنبرة غضب قال مواطن لرويترز في محطة الوقود بشرق القاهرة “حسبي الله ونعم الوكيل! حاجة تخلي الواحد يطفش (يهاجر) من البلد!”

وزاد سعر غاز السيارات 25 بالمئة إلى جنيهين للمتر المكعب من 1.60 جنيه.

وقال أحد أصحاب السيارات لرويترز في محطة وقود بالقاهرة “فوجئت بالزيادة النهاردة.. كنت عارف إن فيه زيادة بس جت (جاءت) كبيرة.. حاجة مفاجئة جدا ومش متوقعة”.

وعادة ما تشهد شوارع مصر مشادات بين السائقين والركاب بعد كل زيادة في أسعار الوقود.

وقال محمد عبد الله سائق سيارة أجرة من الاسكندرية لرويترز “كل ما نحس (نشعر) بالأمل أن الأحوال ممكن تتعدل (تتحسن) يطلع (يصدر) قرار يجيب لنا (يصيبنا) إحباط.

“الشغل وقف حاله علشان ناس كتير بطلوا يركبوا التاكسي بعد ارتفاع الأسعار في كل حاجة. أنا مكسوف (محرج) أني أزود الأجرة على الناس والله بس مضطر وياريت أعرف اشتغل”.

ورغم تأكيد رئيس الوزراء شريف إسماعيل أن الزيادة في أجرة الرحلات الداخلية والخارجية بين المحافظات لن تتجاوز عشرة بالمئة، وردت تقارير عن قفزات كبيرة في أسعار وسائل النقل.

في محافظة كفر الشيخ بشمال مصر نشبت مشادات كلامية بين بعض المواطنين والسائقين الذين رفعوا أسعارهم بين 25 و50 ٪ عقب إعلان زيادة أسعار الوقود مباشرة.

ورفع سائقو الميكروباص، وهو وسيلة المواصلات الرئيسية لمتوسطي ومحدودي الدخل، سعر التذكرة إلى 1.5 جنيه من جنيه واحد كما رفع سائقو سيارات الأجرة (التاكسي) السعر نحو 25 بالمئة.

وقال وليد عوض سائق ميكروباص “الناس بتتخانق معانا رغم إن مالناش ذنب ومش عاوزين الحاجة تزيد… احنا أصحاب بيوت ودخلنا معروف وفيه ناس عليها أقساط… احنا أضعف ناس في الحلقة دي”.

وفي أحد مواقف الميكروباص في محافظة القليوبية شمالي القاهرة اشتعلت الخلافات بين الركاب والسائق حول الأجرة. وانتهت المشادات بانصياع الركاب بدفع زيادة في الأجرة، ولكن ليس كما طلبها السائق.

وكانت أكبر زيادة في سعر اسطوانة غاز الطهي (البوتاجاز) الذي قفز 100 بالمئة إلى 30 جنيها من 15 جنيها.

كما رفعت الحكومة سعر اسطوانة غاز الطهي التجارية 100 بالمئة إلى 60 جنيها من 30 جنيها.

وتساءل هاني شعلان الموظف بمكتب لتوزيع الصحف في دمياط “هنعمل ايه؟ مفيش حد من أصحاب العمل هيوافق علي زيادة الأجور لنا. نعمل ايه؟ منهم لله!”

وشملت حزمة الضمان الإجتماعي التي تم إقرارها في مايو أيار زيادة معاشات التقاعد والدعم النقدي الموجه للأسر الفقيرة تحت مسمى “تكافل وكرامة” بجانب زيادة الحد الأدنى للإعفاء الضريبي ومنح خصم ضريبي لمحدودي ومتوسطي الدخل.

وبداخل محطة وقود في مدينة الفيوم وقف إبراهيم جمعة سائق سيارة نقل جماعي ليزود سيارته بالسولار وهو في حالة من الغضب وصاح قائلا “كله علي الزبون وهو اللي هيتحمل الزيادة. الأجرة كانت 15 جنيها من الفيوم للقاهرة وبعد الزيادة هاخلي الأجرة 20 جنيها وغيري ممكن يخليها 25 جنيها”.

وقال رئيس الوزراء في مؤتمر صحفي يوم الخميس “وجهنا المحافظين بمتابعة أسعار الأسواق ومواقف النقل. لن نسمح بأي جشع لاستغلال المواطنين”.

وتؤثر زيادة أسعار الوقود بشكل فوري على جميع أسعار السلع والمنتجات داخل البلاد.

وقالت ريهام الدسوقي محللة الاقتصاد المصري في أرقام كابيتال لرويترز إن زيادة أسعار الوقود “ستؤثر بشكل مباشر على الطبقات الوسطى والأقل دخلا. سنشهد موجة ثانية من ارتفاع التضخم وقد نصل إلى مستوى 35 بالمئة في الصيف بسبب تزامن الزيادات في الأسعار مع بعضها البعض”.

وأعقبت الزيادة السابقة في أسعار الوقود في نوفمبر تشرين الثاني الماضي وتعويم الجنيه سلسلة قفزات حادة في التضخم الذي وصل إلى مستويات فوق 30 بالمئة.

وقال عبد الله رضوان من كبار منتجي العنب والخضروات بالفيوم لرويترز “تكلفة النقل ستزيد بشكل كبير. قد تصل لضعف الأسعار الحالية وهو ما سيؤدي لارتفاع أسعار الفاكهة والخضروات من المزرعة أو الأرض الزراعية وسيتبعها ارتفاع آخر عند تجار التجزئة”.

ويشكو المصريون من عدم وجود أجهزة رقابية قوية تستطيع حمايتهم من أي استغلال من جانب التجار.

في المنيا قالت مريم كامل وهي موظفة تعول ثلاثة أبناء “لن يكفينا مع الزيادة الجديدة للوقود 60 جنيها يوميا أجرة المواصلات غير زيادة أسعار السلع”.

وتساءلت “هل علاوة الغلاء التي لم تتجاوز 70 جنيها مبرر لزيادة الأعباء علي الأسرة المصرية بهذا الشكل القاسي؟”

وشملت حزمة الضمان الاجتماعي التي تم إقرارها في مايو أيار علاوات غلاء لموظفي الحكومة البالغ عددهم نحو ستة ملايين موظف.

تقول نادية السيد (55 سنة) أرملة وأم لأربع 4 بنات ثلاث منهن متزوجات والرابعة مخطوبة وتواجه صعوبة في تجهيزها “احنا كده بنموت بالبطيء.. الأيام دي صعبة قوى.. حتى التموين لما زودوا الفرد لخمسين جنيه رفعوا أسعار الزيت والسكر. نعيش إزاي؟

“أنا بقيت ماشية باكلم نفسي حتى الأكل مش هنعرف نشتريه عشان كل حاجة هتغلى”.

ويضرب عادل إسماعيل موظف حكومي بالمعاش (61 سنة) كفا بكف وهو يقول “احنا لسه مقبضناش زيادة المعاشات يقوموا يرفعوا الأسعار بالطريقة دي! كل حاجة هتغلى بسبب النقل ومفيش حد يقدر يحكم عشوائية السوق في مصر”.

وشهدت مصر التي تعتمد على الاستيراد في توفير أغلب احتياجاتها ارتفاعات كبيرة في أسعار السلع والخدمات خلال العامين الماضيين بسبب شح العملة الصعبة ونشاط السوق السوداء.

ومع قرارات نوفمبر تشرين الثاني الماضي التي شملت تحرير سعر الصرف ورفع أسعار الفائدة وزيادة أسعار الطاقة ومن قبلها تطبيق قانون ضريبة القيمة المضافة تضاعفت أسعار السلع والخدمات من جديد مما أثار سخط المواطنين وخاصة محدودي الدخل.

ووعد السيسي المصريين في ديسمبر كانون الأول الماضي بتحسن الظروف الاقتصادية الصعبة خلال ستة أشهر ودعا رجال الأعمال والمستثمرين إلى مساعدة الحكومة على كبح جماح الأسعار. الشهور الستة مرت ولكن الأسعار ارتفعت أكثر ولم تنخفض.

وفي دمياط قال أحمد عنتر موظف بإحدى الشركات الخاصة لرويترز ساخطا “حسبي الله ونعم الوكيل في الحكومة كلها”.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى