سيارة بورشه المستقبلية مستعصية على القراصنة
يعمل مهندسو الشركات المصنعة للسيارات وخبراء التكنولوجيا على حماية الموديلات وبيانات أصحابها من السرقة بتطوير أنظمتها، بالإضافة إلى تزويدها بأجهزة ذكية لحمايتها، لا سيما وأن صناعة السيارات تمر في الوقت الراهن بعملية تحول كبيرة، مستفيدة في المدة الأخيرة من الانفتاح على تقبل الأفكار والمفاهيم الجديدة من مختلف القطاعات الأخرى خصوصا القطاع التكنولوجي.. ويسعى خبراء التكنولوجيا ومصممو السيارات إلى حفظ بيانات السيارة ضد أي محاولات اختراق من جانب قراصنة المعلومات، وسد كل الثغرات الأمنية أمامهم.. وهذا ما يعمل خبراء البرمجة في شركة بورش الألمانية على توفيره في سيارات الشركة، فبعد أن كان عشاق السيارات الفارهة يشترون سيارة بورش لأنهم يؤمنون بأن المهندسين الألمان وفروا لها أفضل المحركات، ما جعلها تثبت على الطريق لتصبح أفضل سيارة رياضية في العالم، سيشتري هؤلاء العشاق سيارة بورش لأن خبراء البرمجة الألمان يتعهدون بتحصين بيانات السيارة ضد أي محاولة اختراق من قِبل قراصنة المعلومات.
ويرى لوتس ميشكه رئيس تكنولوجيا المعلومات في شركة بورش ونائب رئيس مجلس إدارة بورش في معمل الأبحاث الرقمية التابع لها في مدينة برلين، أن تأمين البيانات وحمايتها ميزة تنافسية بالنسبة إلى شركات صناعة السيارات الألمانية على المدى المتوسط. وأكد ميشكه أن الألمان يركزون أكثر من أي أحد آخر على جهود الحماية من عمليات الرقابة والتجسس على خصوصية الأفراد.
ويقول إن القدرة على استمرار احتفاظ الزبائن بالسيطرة على بيانات سياراتهم، وكيفية استخدامها، يمكن أن تلعب دورا مهمّا في الترويج لسيارات بورشة. وبحسب رئيس تكنولوجيا المعلومات في شركة بورش، في إدارات المبيعات يدور كل شيء حاليا حول التقنية الرقمية، لكن هذا يعني أن بورش تريد بطريقة ما التعرف على بعض المعلومات عن قيادة الزّبون للسيارة.
وأفاد “ما يجب علينا فعله ليست معرفة الزبون (الذي يشتري سيارة بورش) فحسب.. وإنما تحتاج بورش أيضا إلى الوصول إلى بيانات الزبون الخاصة بنا لكي نطور نماذج الأعمال في المستقبل”.. وأوضح ميشكه أن بورش تسعى على المدى المتوسط إلى زيادة نشاطها بشكل عام بأكثر من 10 بالمئة من خلال الخدمات الرقمية، ولذلك تعمل شركة صناعة السيارات الرياضية، جاهدة على الاستثمار في التطوير. ووفقا لرئيس تكنولوجيا المعلومات في شركة بورش يستهدف هذا العمل استيعاب الأفكار من شركات التكنولوجيا في المدينة، التي توجد فيها عدة شركات صاعدة ومراكز أبحاث في مجال التكنولوجيا.
وفي الوقت نفسه ستكون أنظمة القيادة الذاتية بشكل خاص تحولا جذريا في كفاءة استخدام السيارات، كما أشار ميشكه إلى أنه “سيتوجّب علينا (في بورش) البدء من فرضية أننا نحتاج إلى إيجاد قدرات نمو هائلة تتخطى ما هو متاح حاليا في السيارة ذاتها، على الأقل الوصول إلى عصر القيادة الذاتية”.
وأكد ميشكه أن صناعة السيارات تمر حاليا بعملية تحول كبيرة، ولذلك يجب أن تظل منفتحة على تقبل الأفكار والمفاهيم من قطاعات الصناعة الأخرى.
وأضاف “إن كنا نريد ألّا يتراجع دور شركات صناعـة السيارات لتصبح مجرد مورد للآلات.. فعلينا إظهار قدراتنا الرقمية الآن”.
وقد ساعد التطور التقني في السنوات الأخيرة شركة بورش وغيرها من الشركات المصنعة للسيارات على تحصين موديلاتها من سرقة بياناتها أو سرقة السيارة في حد ذاتها.. ويرجع الفضل في ذلك إلى المعايير التي اتخذتها شركات السيارات للعمل على تحسين أنظمة الحماية من السرقة، كما يرجع الفضل أيضا إلى المجموعة الموسعة من الحيل التقنية والميكانيكية الجديدة.
غير أن بعض هذه الحلول يقتصر دورها على مجرد تعطيل السارق، في حين تستطيع أنظمة أخرى تحديد موقع السيارة بعد سرقتها، أو حتى محاربة السارق، ولكن بعضها يواجه صعوبات في التركيب، وغالبا ما ينصح الخبراء بالربط بين وسائل الحماية الميكانيكية والإلكترونية.
ويتم تجهيز معظم سيارات الركوب الخاصة بقفل المقود، والنظام الإلكتروني لمنع الحركة، حيث أوضح الخبير الألماني هارالد شميت أن جميع السيارات في الوقت الحالي تقريبا يتم تجهيزها بأنظمة منع الحركة الإلكترونية، والتي تقوم بمنع التحرك غير المصرح به في السيارة من خلال تدخل مشفر في نظام إدارة المحرك، حيث لا يمكن بدء تشغيل السيارة إلا عن طريق مفتاح مشفر.
وإلى جانب الآليات، التي يتم التجهيز بها بشكل قياسي، هناك حلول مختلفة للتجهيز اللاحق، حيث يمكن الجمع بين قفل المقود وكلبش العجلات، وقفل نقل الحركة بالمقود أو العجلة أو نقل الحركة، وتعمل هذه الوسائل كأنها مانع حركة ميكانيكي.
وأفاد فيليب شرايبر من الهيئة الألمانية لمراقبة الجودة، بأن هذه التجهيزات تمتاز بانخفاض تكلفتها، وتتناسب مع السيارة ذات الأسعار المنخفضة، بالإضافة إلى سهولة التركيب، إذ أنها تتواءم مع جميع السيارات، لأنه لا يتم تثبيتها بشكل دائم.
وأوضح بوركهارد بوتشر من نادي السيارات إيه دي إيه سي الألماني، أن مثل هذه الأقفال تجعل من عملية السرقة أمرا مستعصيا على اللصوص.
وهنا يعارضه شرايبر بأنها ليست مريحة، إذا تم استخدامها بشكل يومي، ولا سيما كلبش العجلات الذي يتم تركيبه على العجلات من الخارج.
ومن خيارات الحماية الميكانيكية الأخرى الرقاقات الخاصة بالزجاج، والتي تصعّب عملية كسرها، ويعتبر جهاز الإنذار من أنواع الحماية التقليدية الإلكترونية، والتي تقوم بردع اللصوص عن طريق الصوت العالي للإنذار. ومع بعض الأنواع يتم إنارة الكشافات الأمامية لجذب انتباه المارة، وهناك أنواع أيضا تقوم برش غاز مسيل للدموع.
وترتبط أجهزة الإنذار بالأقفال ويتم تفعيلها عند محاولة اقتحام الأبواب أو غطاء حيز المحرك، ويتم رصد كسر الزجاج والدخول إلى المقصورة الداخلية بواسطة مستشعرات تعمل بالأشعة تحت الحمراء.
وغالبا ما تقوم شركات السيارات بتركيب أنظمة الإنذار في موديلاتها الحالية، ولكن هذه الأنظمة تتوفر ضمن خيارات التجهيزات اللاحقة. ويعتبر النظام العالمي لتحديد المواقع من الأنظمة المتطورة للحماية من السرقة، وتتناسب هذه التقنية مع السيارات الفارهة ذات الأسعار المرتفعة.
ويفيد جهاز التعقب المثبت في السيارة في الإخبار عن موقع السيارة بعد تعرضها للسرقة عن طريق إشارة نظام تحديد المواقع.ز وأوضح بوتشر أن مثل هذه الأنظمة يمكنها تسهيل العثور على السيارة المسروقة، بشرط ألا يكون السارق قد اكتشف جهاز التعقب.
وتجدر الإشارة إلى أن الخيارات الميكانيكية، مثل قفل المقود، تناسب الموديلات القديمة، أما السيارات الحديثة فيناسبها جهاز الإنذار أو نظام تحديد المواقع. وفي الوقت ذاته ينصح خبير بالجمع دائما بين وسائل الحماية الميكانيكية والإلكترونية لمواجهة عمليات سرقة السيارات.