“الاتحاد الدولي للسيارات للجميع”. هذا هو الشعار الذي رفعه البريطاني جراهام ستوكر الذي يعدّ “عراب” عودة الحياة الى البطولات العالمية لرياضة المحركات في العالم بعد توقّفها بسبب تفشي وباء كورونا .
ستوكر أعلن ترشيحه لرئاسة الـ فيا ساعياً في الانتخابات المرتقبة الى خلافة الفرنسي جان تود على رأس الاتحاد الدولي، ومتطلّعاً الى مرحلةٍ جديدة يعطي فيها دوراً لكل اعضاء هذا الاتحاد ليلعب دوراً فاعلاً في الاحداث العالمية.
وعن ترشّحه لهذا المنصب الرفيع يقول ستوكر : ” لقد انغمست في عالم ادارة رياضة المحركات خلال غالبية فترات مسيرتي متنقّلاً بين مناصب عدة كان آخرها نائب رئيس الاتحاد الدولي للسيارات، وهو منصب انتُخبت له 3 مرات.. أشعر بأنني حصلت على الخبرة والمهارات والمعرفة لادارة اتحادٍ دولي، فمنصب الرئاسة صعب وهو خليط بين مسؤوليات عدة تتطلب معرفةً بالكثير من القضايا”.
ويتابع: ” المفتاح هو العمل عن كثب مع الاندية والمؤسسات الاعضاء وعددها 245. طوال عقدٍ من الزمن عرفتهم جيّداً، وعرفت مشاكلهم، وبالتالي اصبح لدي الخبرة لمواجهة هذه التحديات. انه وقت مثير لقيادة الـ فيا واريد ان اخذ هذه المهمة على عاتقي لانني اهتم للرياضة، واريد ان اكون حريصاً على تحويل التحديات ومنها ما يرتبط بالوباء الذي عطّل الحياة لفترةٍ، الى فرصٍ للتطوّر والتقدّم”.
ومما لا شك فيه ان شعار “الاتحاد الدولي للسيارات للجميع” هو شعارٌ كبير، لكنه يلتقي مع تطلعات ستوكر الذي يرى في الـ “فيا” مؤسسة تلعب دوراً رائداً على الصعيد العالمي في ما خصّ رياضة السيارات وايضا ًعلى صعيد الدفع نحو قيادة مجتمعية آمنة “وبالتالي نريد ان تكون رياضتنا للجميع حول العالم، ما يعني ان فكرة “للجميع” مهمة جداً بالنسبة الى اتحادٍ عصري”.
اذاً مرحلة جديدة يتجه اليها الـ فيا حيث يعرف المرشّح الأول للفوز بالمنصب الرئاسي انه سيخلف شخصية مهمة مثل تود، لكنه يبدو جاهزاً لهذا التحدي، فيقول: “اعتقد ان العاملين في هذا المجال اصبحوا يعرفونني عبر السنوات، وخصوصاً انني انغمست في القرارات الاساسية، وما افعله هو الحرص على ان تسلك القرارات المفصلية الطريق الصحيح، وقد عكسنا هذا الامر خلال 12 عاماً من القيادة التي اصفها بالثورية، اذ نقلنا الاتحاد الدولي من مؤسسة عادية الى اخرى لديها دوراً عالمياً، وهو ما سأواصل العمل عليه”.
ويضيف: “لا شك في ان جان تود قام بعملٍ ممتاز من خلال قيادته اتحادنا، واشعر بأنني قادر على اكمال هذا العمل وترك بصمتي الخاصة”.
تأييد عربي كبير
واللافت انه على الرغم من ان المنافس المباشر لستوكر هو الاماراتي محمد بن سليّم، فإن ستوكر يحظى بدعمٍ عربي كبير، وذلك بعدما بنى شبكة علاقات قوية مع القياديين في هذا المجال من خلال منصبه كنائبٍ للرئيس حيث عمل معهم على مشاريع كبيرة ناجحة في المنطقة العربية التي بات يعرفها جيداً من خلال زياراته الكثيرة لبلدانها الناشطة خصوصاً في البطولات العالمية على غرار الفورميولا 1 وبطولة العالم للراليات حيث كان حاضراً غالباً للمساعدة ولتقديم خبراته الكبيرة لحلّ اي عوائق، لذا من الطبيعي ان يحظى بأصوات قسمٍ لا يستهان به من العرب الذين قدّروا عمله معهم.
وفي هذا الاطار يحدد ستوكر خططه للعالم العربي في حال نجاحه في الانتخابات، قائلاً : “اريد ان اركّز على نقاط القوة في المنطقة العربية حيث توجد قاعدة جماهيرية رهيبة وحماسة رائعة، وهي مسألة واضحة من خلال عمل الحكومات في وضع رياضة المحركات ضمن برامجها التطويرية”.
ويعقّب: “صحيح ان الاحداث الكبرى هي مهمة جداً، لكن لنبني الهرم علينا البدء من القاعدة لتقوية مجتمع رياضة المحركات، وذلك من خلال اقتناص المواهب وتنشئتها، وهو تحدٍّ كبير في المنطقة واريد ان اكون شريكاً فيه للوصول الى الهدف المنشود”.
ويبدو واضحاً ان احد الاهداف الاساسية التي وضعها ستوكر للمنطقة العربية هي زيادة الاحداث لتتخطى مسألة تنظيم الفورمولا 1 او استضافة بطولة العالم للراليات، والاهم بالنسبة اليه هي اكتشاف النجوم الجدد في الشرق الاوسط للوصول الى أساسٍ صلب لرياضة السرعة المختلفة.
ولا يختلف الامر عالمياً بالنسبة الى الرجل القوي في عالم رياضة السيارات، اذ يبدو الهدف الاساس هو المواهب التي يمكن اكتشافها من خلال البرامج الخاصة بالاكاديميات المحلية حول العالم “في موازاة التأكيد بأن رياضتنا هي للرجال والنساء الذين يمكنهم التنافس سويّاً”.
ويضيف: “اريد ان ازرع ثقةً تتمحور حول امكانية جذب الاستثمارات مجدداً الى رياضة المحركات، اذ لا يجب ان نستهين بتأثير الجائحة، لذا سنعمل على بناء جسور الثقة مجدداً، وذلك من خلال تطوير رياضتنا بالشراكة مع الاعضاء لكي تنمو وتتعزّز قاعدتها الجماهيرية”.
تطوير الناشئين ودعم الأندية
ستوكر يتطلّع الى اتحادٍ دولي اكثر عصرية يترافق مع تطوير قطاع الناشئين، وارساء أطرٍ تسمح للجميع بدخول البطولات المختلفة من خلال تأمين الكلفة المطلوبة “فأيٍّ كان حول العالم لديه الموهبة والشغف يفترض ان يحصل على الفرصة للانخراط فيها”.
ومن المسائل المهمة التي يتطلّع للعمل عليها البريطاني المخضرم هي الالتزام بايجاد التناغم بين رياضة المحركات والتغيّرات المناخية من خلال التكنولوجيا المتقدّمة للوصول الى رياضة أنظف وتحمّل المسؤولية على هذا الصعيد من خلال وضع هذا الهدف في كل البرامج الرياضية الخاصة بالـ “فيا”.
وفي وقتٍ لا يخفى فيه ان بعض البلدان ليس لديها القدرات المالية للانخراط في عالم رياضة المحركات كغيرها، يخطّط ستوكر بشكلٍ ذكي لطرح الحلول “وعلى رأسها توجيه هذه الدول حول كيفية ايجاد الموارد لتأمين المطلوب بغية الوصول الى اهدافها، وهو امر يمكن العمل عليه حتى في البلدان غير الناشطة في رياضة المحركات حالياً. انا واثق بأننا نعرف ما نقوم به، وكل هذا سيكون جزءاً من برنامج تدريبٍ عالمي، لكن علينا ان نعزّزه بقوة”.
ستوكر يتمتع بعلاقاتٍ قوية مع الكلّ في عالم السيارات، ما جعله مساهماً اساسياً في وضع البروتوكولات التي سمحت بعودة البطولات اثر تفشي وباء “كورونا”، وقد كانت الاساس في انقاذ هذه البطولات بسلاسةٍ استثنائية قلّ نظيرها مقارنةً بالكثير من الرياضات التي كان بامكانها استخلاص الدروس والعِبر مما فعله.
وفي موازاة مساعدة الاندية الناشطة في مجال التنقّل الآمن للاستمرار في عملها المهم والحساس جداً، فإن العمل على مواصلة تطوير السلامة في الرياضات المختلفة يبدو مسألة اساسية للحرص على اقامة سباقات تؤمّن الحماية للسائقين وجميع المرتبطين بها.
ويعلّق ستوكر على هذه النقطة قائلاً: “الامر لا يرتبط فقط بما يرتديه السائقون مثلاً بل بالطريقة التي يتمّ من خلالها تصميم السيارات، لذا نسعى للحصول على وصول كل المعلومات الى ايدينا عند حصول اي حادث وذلك لفهم ما حصل ولنعمل على خلق نظامٍ يسمح بعدم تكرارها مجدداً. سنواصل العمل مع كل الخبراء في هذا المجال وخصوصاً الطبيين منهم، اذ لا يجب ان يتعرّض اي سائق لاصابة قوية جراء اي حادث”.
وستوكر لن يكون وحيداً في الساحة للعمل على مشروعه المميّز بل انه سيقف في الانتخابات مع فريق عملٍ يملك معرفة وخبرة كبيرتين، ما يعزّز من ثقة مجتمع رياضة المحركات به ويوضح اسباب توجّه الغالبية لمنحه اصواتهم “اسماء مثل نائب الرئيس السابق للتنقّل براين غيبونز والحالي تيير ويلمارك، وايضاً البطل العالمي طوم كريستسن (بطل سباق لو مان 9 مرات) تعزّز من الخبرات المختلفة التي يحتاج اليها عالم رياضة السيارات وتعزّز من الثقة التي نريد ايصالها الى الجميع بغية الوصول الى الاهداف الموضوعة”.