تقدم مجموعة BMW فرصًا رائعة لمهندسيها العاملين، في مجال البحث وتطوير المركبات، حيث تتيح لهم إمكانية محاكاة واختبار متطلبات المنتجات في المستقبل ضمن ظروف تحاكي الواقع من خلال مركزها الجديد لمحاكاة القيادة. يضم المركز 14 جهاز محاكاة ومختبرًا لقابلية الاستخدام على مساحة تمتد 11,400 متر مربع، ليكون مركز المحاكاة الأكثر تطورًا وتنوعًا في قطاع السيارات على الإطلاق.
ويوضح مايكل براخفوجل، رئيس الأبحاث في مجموعة BMW للتفاعل مع المستخدمين وتجربة المستخدم ومحاكاة القيادة: “يتمثل هدف المركز الجديد في توفير أداة مثالية لمحاكاة كافة جوانب ومراحل عملية تطوير المركبات، لتتواجد جميعها تحت سقف واحد. كما يرتقي التركيز على العملاء في مرحلة التطوير إلى مستوى جديد تمامًا، حيث يمكننا إجراء اختبارات القيادة لأغراض الدراسة مع عدد يصل إلى 100 شخص يوميًا.”
الأداة المثلى للمحاكاة في كل مرحلة من مراحل التطوير
يقدم المركز الأداة المناسبة لمحاكاة مختلف المجالات المتخصصة في تطوير المركبات – بدءًا من المراحل المبكرة لتطوير التصور والمفهوم ووصولًا إلى التحقق من وظائف المركبة في النهاية. وتتنوع مرافق المركز من أجهزة المحاكاة الساكنة دون نظام للحركة وحتى أجهزة المحاكاة فائقة الدقة التي تنقل مجريات الطريق إلى المختبر بتأثيرات واقعية للغاية في مساحة للحركة تقارب 400 متر مربع. وسواء كان الأمر يتعلق بتقنيات وشاشات الترفيه المبتكرة والمفاهيم التشغيلية أو التفاعل متعدد الوسائط بين راكبي السيارة أو صقل الجوانب الدقيقة في الهيكل أو المجموعة الواسعة من وظائف مساعدة السائق وصولًا إلى خيارات التصميم الداخلي أو القيادة الآلية بالكامل – فإن جميع جوانب تطوير السيارة متاحة للاختبار هنا للتحقق من مدى ملاءمتها للعملاء.
تجري اختبارات القيادة الافتراضية بشكل دوري من قبل أشخاص خارجيين، بحيث لا يقتصر الأمر على مهندسي مجموعة BMW. وفي تعليقه على الأمر يقول مايكل براخفوغل: “يقدم مركز المحاكاة الجديد مساهمة ضخمة لجهودنا المستمرة لتطوير المنتجات بشكل يركز على العملاء، إذ أصبح بوسعنا دمج آراء العملاء ومقترحاتهم بشكل مباشر في عملية التطوير في أي وقت.”
عيش متعة القيادة بصيغة افتراضية
على مدى سنوات، لعبت محاكاة القيادة دورًا أساسيًا في تطوير ديناميكيات القيادة لدى مجموعة BMW. وسيتيح مركز محاكاة القيادة الجديدة مزيدًا من التوسع في عملية التطوير الافتراضية، ليقلل بذلك عدد النماذج التجريبية التي تتطلبها العملية إلى جانب تخفيض زمن دورة التطوير. فقد أصبح من الممكن استبدال الإطارات أو محاور بأكملها خلال ثوان واختبار مسارات متنوعة حتى العالم يمكن اختيارها بضغطة زر واحدة في جهاز المحاكاة. كما أن من الممكن الانتقال بكل سلاسة من ظروف القيادة في الطقس الصيفي إلى الشتوي، بحيث تتم محاكاة جميع العوامل المؤثرة على الطريق والقيادة بدرجة فائقة من الدقة. وفي هذا السياق قال توماس لاكنر، خبير محاكاة القيادة ضمن فريق تطوير ديناميكيات القيادة: “تمكننا أجهزة المحاكاة المتقدمة من اختبار حتى أدق جوانب القيادة والتجربة التي تشتهر بها سيارات BMW – سواء كان ذلك في المراحل المبكرة من التطوير أو في مرحلة التحقق والاختبارات النهائية.”
كما يعدّ مركز المحاكاة الجديد بمثابة استجابة مثالية للطلب المتزايد على تطوير المركبات الذكية ذات الإمكانات المتفوقة للتواصل. فالمفاهيم الجديدة لشاشات العرض والتشغيل يمكن أن تخضع لاختبارات مكثفة لتحليل المخاطر المترتبة على تشتت انتباه السائق أو فعالية وسائل التحكم المتعددة. وتوضح ماريون مانغولد، قائد فريق تطوير مفاهيم التفاعل مع السائق: “يمكننا تصميم انظمتنا بمساعدة الاختبارات الموسعة في جهاز محاكاة القيادة بحيث يحصل عملاؤنا في سياراتهم على المعلومات الصحيحة في الوقت والزمان المناسبين – وكل ذلك بأبسط وأذكى الطرق الممكنة وفي جميع ظروف القيادة.”
من الجدير بالذكر أن محاكاة القيادة تحقق مزايا هائلة لتطوير النظم المستقبلية لمساعدة السائقين ووظائف الأتمتة بشكل خاص. فمن شبه المستحيل اختبار المواقف التي تنطوي على مخاطر حقيقية على الطرق أو تلك التي نادرًا ما تحدث في الحياة الواقعية بشكل فعلي، ولكن جهاز المحاكاة يسمح بتهيئة تلك المواقف بشكل آمن وبتفاصيل دقيقة مهما تطلب الأمر تكرارها. كما يمكن تغيير التفاصيل الفردية لتلك السيناريوهات حسب الرغبة، ما يعني أن بوسع المختصين اختبار الأنظمة المعقدة في ظل ظروف واقعية ومتباينة قبل البدء باختبارها على الطرقات. وتقول مانويلا ويت، خبيرة الاستخدام الآمن وتحليل الفعالية: “تتسم تحضيراتنا لطرح وظائف مساعدة السائق بكونها دقيقة وشاملة بشكل كبير، وتعدّ محاكاة القيادة عاملًا هامًا في ضمان قدرتنا على تطوير أفضل المنتجات وأكثرها أمانًا لعملائنا.”
وبفضل أحد المفاهيم المتطورة التي تتضمن نظامًا ذكيًا للنقل والاصطفاف، أصبح بالإمكان استخدام كافة أجهزة المحاكاة في نفس اليوم مع طرازات مختلفة من المركبات عند الحاجة. وبهذا يقدم المركز مستويات كبيرة من المرونة لجميع مجالات التطوير المتخصص، فيما يسمح بأعلى درجات الاستفادة من القدرة الاستيعابية للمركز.
محاكاة سلسة لتجربة أقرب للواقع
عمل خبراء محاكاة القيادة في مجموعة BMW على تصميم تجربة محاكاة متكاملة تمنح المشاركين في عملية الاختبار تجربة أكثر واقعية، مما يعزز صلاحية النتائج. وفي المستقبل، سيرتدي المشاركون في عملية الاختبار ضمن دراسات محددة أجهزة الواقع الافتراضي بينما يتجهون إلى جهاز المحاكاة، بحيث يتواجدون في بيئة افتراضية تحاكى معرضًا لسيارات BMW أو ميني، على سبيل المثال، وبوجود السيارات مصطفة أمام المعرض جاهزة لاختبار القيادة. وفيما يسيرون عبر المساحة الافتراضية، فإنهم في الواقع يتجهون نحو جهاز المحاكاة وما عليهم سوى رفع جهاز الواقع الافتراضي عن رؤوسهم قبل لحظة دخول جهاز المحاكاة. وفي هذا السياق يقول مارتن بيلر، مدير مشروع مركز محاكاة القيادة: “نحقق درجة مرتفعة جدًا من محاكاة الواقع بشكل يغمر الشخص بتجربة مقاربة جدًا للحقيقة، مما يمكّن المشاركين في الدراسات من عيش أجواء موقف القيادة بشكل كامل وبالتالي يسمح لنا بالحصول على نتائج واقعية ومفيدة للغاية في تحسين الوظائف المتاحة للمستخدمين.”
أجهزة المحاكاة عالية الدقة وعالية الديناميكية
تعدّ أجهزة المحاكاة ذات الدقة العالية والديناميكية العالية أبرز معالم مركز محاكاة القيادة الجديدة، سواء من الناحية البصرية أو التقنية. فهما يوفران الظروف التي لم تكن متاحة في السابق إلا من خلال اختبار المركبات على الطرق الفعلية. وإلى جانب تحسين الوظائف المستهدفة والمبتكرة للمستخدمين، فإن الاختبار في المختبرات ساهم في إتاحة تكرار مواقف محددة للقيادة بالقدر اللازم، مما يعزز صلاحية نتائج الاختبار الخاضعة للتقييم. كما يمكن استخدام أجهزة المحاكاة لتفعيل مواقف نادرًا ما تحدث في الحياة الواقعية ويواجهها السائقون فقط في ظل ظروف غير اعتيادية، أو تلك التي تنطوي على عناصر الخطر وبالتالي لا يمكن تهيئتها لأغراض الاختبار على الطرق الحقيقية. إلا أن من الممكن التحقق من النتائج التي تحققها الاختبارات الفعلية على الطرق من خلال المحاكاة التي تضاهي الواقع في المختبر.
جهاز المحاكاة عالي الدقة:
- محور التركيز عند التطوير: وظائف مساعدة المستخدمين في ظروف القيادة الصعبة، ومنها تلك التي يواجهها السائق عند القيادة في المدن.
- إمكانية الحركة الطولية والعرضية والدورانية في نفس الوقت
- التسارع حتى 0.65 (وهو تسارع مماثل لسيارة BMW M3 سيدان: من 0 إلى 100 كيلومتر في الساعة (62 ميل في الساعة) خلال 4.2 ثانية – 353 كيلووات لكل 480 حصان، معدل استهلاك الوقود: 10.8 لتر لكل 100 كيلومتر (26.2 ميل لكل غالون، انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المركبة: 248 جرام لكل كيلومتر*)
- مساحة منطقة الحركة حوالي400 متر مربع
- ارتفاع يفوق 10 أمتار
- كتلة الحركة تقارب 83 طن متري
- القوة الكهربائية القصوى اللازمة: حتى 6.5 ميجاوات.
تتم في جهاز المحاكاة عالي الدقة تهيئة سيناريوهات من الحياة الواقعية بقدر استثنائي من التفاصيل الدقيقة، إذ يمكن محاكاة مواقف الفرملة والتسارع على الزوايا والتعامل مع التقاطعات الدائرية والتتابع السريع للمنعطفات بدقة كبيرة في منطقة الحركة المخصصة للجهاز، والتي تبلغ حوالي 400 متر مربع. ويعني ذلك القدرة على تمثيل سيناريوهات القيادة المعقدة داخل المدن، والتي تنطوي على مجموعة واسعة من التحديات لأنظمة القيادة الآلية، ضمن ظروف المختبر.
جهاز المحاكاة عالي الديناميكية:
- محور التركيز عند التطوير: وظائف مساعدة المستخدمين في ظروف القيادة ذات الديناميكية العالية
- تسارع طولي وجانبي ديناميكي للغاية يصل إلى 1.0 ج. (التسارع مماثل لسيارة سباقات فورمولا إي BMW iFE.20: من 0 إلى 100 كيلومتر في الساعة (62 ميل في الساعة) خلال 2.8 ثانية فقط
- طول مزلاج المحاكاة 21 متر
- كتلة الحركة تقارب 23 طن متري
- ارتفاع يفوق تسعة أمتار
- القوة الكهربائية القصوى اللازمة: حتى 3 ميجاوات.
يمكن لجهاز المحاكاة الجديد عالي الديناميكية توليد قوة التسارع الطولي والجانبي التي تصل إلى 1.0 ج، ليحاكي الحركة الديناميكية لتجنب الاصطدام أو الفرملة الطارئة والتسارع الحاد لاختبار الأنظمة والوظائف الجديدة.
تنشأ الحركة الطولية والجانبية في كلا الجهازين من خلال استخدام نظام متطور من العجلات والقضبان، يتفاعل بشكل فوري مع مدخلات السائق مثل أوامر التوجيه. ويسمح ذلك بتجربة جميع الخصائص المدهشة التي تتميز بها سيارات BMW وتضفي على قيادتها المتعة التي تشتهر بها في جهاز المحاكاة، إذ يتحقق ذلك باستخدام المحركات الكهربائية الخطية دون أجزاء متحركة. ولتوليد القوى اللازمة، تتحرك تلك المحركات الكهربائية فوق سلسلة من المغناطيسات ذات الأقطاب سريعة التبادل، وهي قوة تشبه تقنية الرفع المغناطيسي في القطارات عالية السرعة التي تعمل بالرفع المغناطيسي. أما المكثفات الفائقة فتحقق القوة القصوى اللازمة لنظام الحركة خلال جزء من الثانية، بحيث يستردّ نظام الحركة الطاقة عبر إعادة توليدها في المكابح وإرجاعها من جديد إلى المكثفات الفائقة.
تجري الاختبارات داخل منصة أجهزة محاكاة القيادة التي تمتاز بشكل مميز يشبه القبة. هنا يتم تركيب الأنظمة المطلوب اختبارها في مركبة غير حقيقية، ومن ثم يتم تركيب القبّة فوق نظام كهرو-ميكانيكي سداسي ليتسنّى تحريكها باتجاه طولي وجانبي عبر وحدة قيادة كهربائية. وفي داخل القبة، تقف المركبة على منصة قابلة للحركة والدوران لمحاكاة الحركة الدورانية.
تستخدم القبة للعرض الكامل بدوران 360 درجة للمنطقة المحيطة، بحيث تعطي السائق صورة واقعية عن الوضع المروري الذي تتم محاكاته. ومن خلال التزامن الدقيق للعرض المرئي مع الحركات الوهمية للمركبة، يمكن التوصل إلى تجربة تعكس شعورًا حقيقيًا تمامًا للسيناريو الذي تتم محاكاته. وتندمج الانطباعات البصرية مع قوى التسارع الطولي والعرضي والجانبي التي تؤثر على الشخص المشارك في الاختبار لتحقق شعورًا شبه حقيقي للحركة الديناميكية. ويكتمل سيناريو تجربة القيادة الافتراضية بمقاطع صوتية تحاكي تمامًا الموقف الذي يجري اختباره. ويمكن للمشاركين في تجربة القيادة والاختبار دخول القبة عبر ممر يشبه الممرات المستخدمة للصعود إلى متن الطائرة.
إنجاز مشروع ضخم رغم صعوبة الظروف
بدأ العمل على تشييد أكثر مرافق محاكاة القياد تطورًا في العالم في مركز البحث والابتكار الواقع شمال ميونيخ في منتصف أغسطس 2018. وعلى الرغم من القيود العالمية الواسعة التي فرضت جرّاء تفشي جائحة كوفيد-19، فقد أنجزت أعمال البناء في الموعد المقرر لها في مايو 2020، وبدأ تركيب أجهزة المحاكاة منذ ذلك الحين بوتيرة متسارعة.
مجموعة BMW تمتلك عشرات السنين من الخبرة في مجال محاكاة القيادة
أصبحت الأجهزة الحديثة لمحاكاة القيادة أداة لا غنى عنها لتطوير واختبار أنظمة مساعدة السائقين ومفاهيم العرض والتشغيل في السيارات بشكل خاص. فهي تسمح باختبار الجوانب الوظيفية والعملية للأنظمة الجديدة بشكل شامل وفي مرحلة مبكرة جدًا من التطوير. يعمل جهاز محاكاة القيادة كحلقة ربط بين الاختبارات الوظيفية للمعدات والمكونات البرمجية وبين الطريق، ليعمل على اختبار التكامل فيما بينها.. وقد جمعت مجموعة BMW سنوات من الخبرة في استخدام تلك المرافق، وتستخدم بالفعل أجهزة المحاكاة الثابتة للمساعدة في تطوير طرازات BMW منذ أوائل التسعينيات وفي عام 2006، دعمت الشركة تلك الأجهزة بجهاز محاكاة القيادة الديناميكي الذي يسمح بتمثيل أحداث مرورية على الطريق بدقة أكبر. ولمواكبة الطلب المتزايد وتعزيز الطاقة الاستيعابية، تم تركيب جهاز محاكاة ديناميكي آخر في مركز البحث والتطوير التابع للمجموعة في غارشينغ عام 2016.