مرسيدس وبي إم دبليو تنسحبان من نشاط تأجير السيارات
بعد مرور أكثر من عشرة أعوام من المعاناة في تحقيق إيرادات انسحبت شركتا مرسيدس– بنز وبي إم دبليو رائدتين من نشاط تأجير السيارات .
شركتا صناعة السيارات الفاخرة في ألمانيا بدأتا متنافستين في تقديم خدمة مشاركة السيارات الحرة، قبل أن تدمجا مشروعيهما في شركة “شير ناو“ (Share Now) في عام 2019 تخفيضاً للتكاليف، وقد أعلنت الشركتان يوم الثلاثاء بيع المشروع المشترك إلى شركة “ستيلانتيس“ (Stellantis) – صانعة سيارات كرايسلر، وفيات، وبيجو – مقابل مبلغ لم يتم الإعلان عنه.
تغلق هذه الصفقة فصلاً كاملاً يتعلق بمبادرة جريئة كانت تهدف إلى طرح بديل عن امتلاك السيارة أمام المستهلكين في المناطق الحضرية عبر استئجارها مقابل سنتات قليلة للدقيقة الواحدة.
وكانت هذه السيارات تحجز من خلال تطبيق على الهاتف المحمول، ثم تُرد في أي مكان في النطاق الجغرافي لنشاط الخدمة.
رغم أن مشاركة السيارات برهنت على نجاحها مع المستهلكين – حيث بلغ عدد عملاء خدمة “شير ناو“ 3.4 مليون عميل في 16 مدينة أوروبية – فإنها لم تصبح مصدراً لزيادة المبيعات، كما كانت تتمنى شركتا صناعة السيارات. ولا تشهد الأوضاع الحالية تحسناً في فرص تحقيق ذلك.
إن مبادرات تخفيف الزحام ووقف الانبعاثات الضارة في مدن مثل لندن وسنغافورة وباريس تقوّض فرص امتلاك السيارات في المناطق الحضرية.
تكشف هذه الخطوة عن معاناة “بي إم دبليو“ و“مرسيدس“ في صراعهما مع اضطرابات سلاسل التوريد وتكلفة المنافسة مع شركة تسلا في مجال السيارات الكهربائية من الشريحة العليا.
وجدير بالملاحظة أن شركتي صناعة السيارات الألمانيتين سوف تستمران في مشروعهما المشترك لشحن السيارات الكهربائية، وقد قالتا، إن مشروع “تشارج ناو“ (Charge Now) يعتزم الدخول في شراكات إضافية.
ستركز شركتا صناعة السيارات الفارهة، اللتان تتحولان تدريجياً بعيداً عن سيارات محركات الاحتراق الداخلي، تركيزاً كاملاً على نشاطها التقليدي ببيع السيارات مرتفعة الأسعار لعملائها الأثرياء، مثل السيارة “بي إم دبليو 8″ التي يبلغ سعرها 85 ألف دولار، والسيارة “مرسيدس إس“ التي يصل سعرها إلى 111 ألف دولار.
وتطرح الشركتان أيضاً طرزاً رائداً من السيارات الكهربائية – مثل السيارة “إي كيو إس“ (EQS) من “مرسيدس“، والسيارة “آي 7″ (i7)من “بي إم دبليو“.
لم يكن النشاط الذي يدر عشرات اليوروات في كل صفقة مناسباً وسهلاً لشركتي “بي إم دبليو“ و“مرسيدس“. ثم تأتي بعد ذلك معاناتهما في تحقيق إيرادات في قطاع يتميز بكثافة الأصول المستثمرة، ويحتاج إلى موارد محلية هائلة لصيانة وخدمة أسطول السيارات.
يقدر يورجين بايبر، محلل لدى “بانكهاوس ميتسلر“ (Bankhaus Metzler)، أن خسائر شركة “شير ناو“ بلغت نحو 200 مليون يورو (210 ملايين دولار) سنوياً وأن تلك الشركة بيعت على الأرجح بنحو 250 مليون يورو.
رغم هذه التحديات، ربما يكون هذا النشاط ضرورياً أكثر بالنسبة إلى شركات صناعة السيارات التي تنتج كمية كبيرة في سوق مفتوحة، مثلا شركة “ستيلانتيس“ (Stellantis)، والتي تواجه مخاطر أكبر من تحول المستهلكين في المناطق الحضرية إلى خدمات المواصلات، وفقاً لتوم نارايان، المحلل في “آر بي سي كابيتال ماركتس“ (RBC Capital Markets).
سوف تدمج شركة “ستيلانتيس“ شركة “شير ناو“ في وحدة خدمات التنقل التابعة لها “فري 2 موف“ (Free2Move).
وتنشط شركة “فولكس واجن“ أيضاً في مجال مشاركة السيارات عبر خدمة “وي شير“ (WeShare) التابعة لها، التي تقدم خدمة إيجار سياراتها الكهربائية لفترات قصيرة.
تضخ شركات مثل “واي مو“ (Waymo) التابعة لشركة “ألفابيت“ (Alphabet) مليارات من الاستثمارات في تطوير تكنولوجيا القيادة المستقلة، كما أن السيارات ذاتية القيادة تجوب فعلاً بعض الطرق المستقرة. وربما توفر هذه التكنولوجيا بديلاً آخر للسيارات الخاصة في يوم من الأيام.
ترى شركة “ستيلانتيس“ بوضوح أن عروض التنقل التي تقدمها خدمة “فري2موف“، والتي تشمل خدمات انتظار السيارات إلى جانب مشاركة الركوب والسيارات، وسيلة لحماية نشاطها في المستقبل. وقد أضافت عملية شراء شركة “شير ناو“ 10 آلاف سيارة إلى أسطولها المكون من 2,500 سيارة.
قالت بريجيت كورتهاوس، رئيسة الشركة التابعة: “نحن نرغب في أن نكون قادرين على امتلاك جميع الحلول في جميع المدن في جميع أنحاء العالم“.