تعرف على حقيقة شركة دابسى Dubci
أعلنت شركة مصرية خاصة أنها تستعد لدخول سوق خدمات النقل التشاركي الذكي خلال أسابيع قليلة، نافية ما تداولته وسائل إعلام محلية ونشطاء عن ارتباطها بشراكة مع جهاز الخدمة الوطنية التابع للقوات المسلحة.
وقالت الشركة، التي تطلق على نفسها اسم “دابسي Dubci”، في بيان إنها تتطلع “لدعم معنوي كبير من الدولة لإنجاح التجربة وتحقيق مبدأ التنافسية مع خدمات الشركات المشابهة التي تنفرد بحصة كبيرة في السوق”.
وأضافت دابسي في بيانها أن رأس مال الشركة مصري بالكامل ويخص “رجال أعمال مصريين مدنيين وطنيين… وأنه من المتوقع أن يتم نشر إشاعات عن الشركة خلال الفترة الحالية لصالح البعض”.
وأوضحت أن “(المتحدث العسكري السابق) العميد محمد سمير يشغل منصب رئيس قطاع تطوير الموارد البشرية وهو ضمن مجلس إدارة الشركة وسيهتم بالإشراف على تطوير أداء العناصر البشرية وتطوير بيئة العمل بها”.
وبعد ساعات من البيان، أصدر العميد سمير وزوجته الاعلامية إيمان أبو طالب بيانا قالا فيه إنهما اعتذرا عن تولي أي منصب داخل الشركة بعد الاتفاق بتاريخ الأول من يوليو الجاري على ذلك، وإنهما تراجعا في السابع من يوليو “لعدم قدرتهما على التفرغ للوظيفتين اللتين قبلاها من قبل”.
وتخطط دابسي لإطلاق تطبيق إلكتروني عبر الهواتف الذكية خلال أسابيع يتيح طلب سيارات خاصة وحافلات ويخوت وطائرات ودراجات نارية لتوصيل الركاب مقابل أجر.
كما تقوم الشركة بتركيب نظام إلكتروني في سياراتها يتضمن شبكة إنترنت مجاني لقائدي السيارات والعملاء، وكاميرا لمراقبة سلوكيات الجانبين، بحسب بيان سابق للشركة التي نشرت لافتات ترويجية لها في عدد من شوارع العاصمة المصرية القاهرة.
وتستحوذ شركتا أوبر وكريم لخدمات النقل الذكي في مصر على أكثر من 50% من العمليات المنفذة لنقل الأفراد باستخدام السيارات الخاصة في البلاد، حيث قامتا بخدمة نحو 7 ملايين عميل خلال 2018.
وكانت شركة أوبر الأمريكية قد أعلنت في وقت سابق استحواذها بالكامل على كريم الإماراتية، في صفقة قدرت بنحو 3.1 مليار دولار، ومن المقرر إتمام الصفقة خلال الربع الأول من 2020.
وفي مارس 2018 قررت محكمة إدارية مصرية وقف نشاط أوبر وكريم بسبب دعوى قضائية أقامها سائقو سيارات أجرة، إلا أن محكمة أعلى قررت لاحقا رفع الحظر عن عمل الشركتين، تزامنا مع إصدار قانون يسمح لهما وللشركات المماثلة باستئناف النشاط لمدة خمس سنوات مقابل 30 مليون جنيه مصري (1.7 مليون دولار).
“تنمية الاقتصاد”
وبعدما أعلنت وسائل إعلام عن خطة دابسي للعمل في السوق المصري، والكشف عن هيكل إدارتها، اعتبر رواد مواقع التواصل الاجتماعي أن تأسيس الشركة هو محاولة من جهاز الخدمة الوطنية التابع للقوات المسلحة للدخول إلى قطاع النقل الذكي، للسيطرة عليه، وهو ما نفته الشركة في أحدث بياناتها.
وأوضح مصدر بالشركة لبي بي سي أن الإعداد لإطلاق هذه الشركة يجري منذ أكثر من عام، وأنها “تسعى لتحقيق تطوير في قطاع النقل الذكي ليسهم بدوره في تنمية الاقتصاد المصري”.
غير أن عددا كبيرا من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي أصروا على الربط بين دابسي وجهاز الخدمة الوطنية.
تنافس اقتصادي أم دافع أمني؟
ويقول خالد البرماوي وهو خبير في مجال الرقميات إن الجدوى الاقتصادية لخدمات النقل التشاركي على مستوى العالم “ليست كبيرة”، غير أن وجود شركة مساهمة مصرية تقدم خدماتها في هذا المجال يعد إضافة للسوق المحلي.
وأوضح البرماوي أن الشركات التي تقدم خدمات النقل الذكي تتركز في العاصمة وبعض عواصم المحافظات، ولذا فهناك مساحة كبيرة لدخول شركات آخرى في هذا المجال.
ويضيف البرماوي أن خطوة استحواذ أوبر على كريم سيجعلها تحتكر السوق المصري، “بينما وجود دابسي ربما يمنع هذه الممارسة الاحتكارية المحتملة”، مطالبا في الوقت نفسه بإنشاء جهاز ينظم سوق نقل الركاب والنقل الجماعي في مصر ويدير العلاقة بين مقدمي الخدمات والمواطنين.
ويتفق عبد القادر رمضان، وهو باحث اقتصادي، مع ما طرحه البرماوي، مشددا على أهمية أن يمتلك المنافس الجديد قدرات مالية وتكنولوجية حتى يتمكن من تقديم خدمات جيدة تلبي احتياجات القطاع الذي يعاني من عشوائية كبيرة.
وكان جهاز حماية المنافسة والاحتكار في مصر قد أصدر بيانا في مارس الماضي يشير إلى ما سماه آنذاك “خطورة الاندماج” بين شركتي أوبر وكريم بعد تلقيه إخطارا بذلك، وما قد يترتب عليه من تقييد المنافسة في الأسواق المعنية، مطالبا الشركات التي تعمل في المجال ذاته داخل البلاد بموافاته بأرائها في هذا الاتفاق بنهاية أبريل الماضي.
وكانت شركة أوبر قد ذكرت في نشرة اكتتابها العام بالبورصة عن مصر قبل أشهر أن اللوائح المقترحة الخاصة بالنقل التشاركي في مصر قد تتطلب منها مشاركة بيانات شخصية معينة مع السلطات الحكومية من أجل تشغيل تطبيق أوبر في البلاد، وقالت إنها قد لا تكون على استعداد للقيام بذلك.
وأضافت الشركة في النشرة في أبريل الماضي: “عدم قيامنا بمشاركة تلك البيانات بموجب هذه اللوائح يمكن أن ينتج عنه فرض السلطات الحكومية غرامات أو عقوبات كبيرة ضدنا أو حتى إغلاق التطبيق الخاص بنا (أو حتى تطبيق كريم بعد إتمام عملية الاستحواذ في مصر) بشكل مؤقت أو لأجل غير مسمى”.
وعن تسرب بيانات العملاء عن طريق شركات الخدمة، يقول مصطفى البرماوي، خبير نمو الشركات التقنية في نيويورك، إن “وصول الحكومات للمعلومات الخاصة بالعملاء أمر متاح بعدة طرق. فإذا كانوا يستخدمون هواتف ذكية، فيمكن الوصول إليها مثلا عن طريق شركات الاتصالات ومزودي خدمات الإنترنت، فهي ليست بحاجة لإنشاء شركة جديدة للنقل الذكي للحصول على معلومات عن العملاء”.
وأردف قائلا لبي بي سي: “المعلومات عن تحركات العملاء اليومية ومواعيد تحركهم ومناطق اهتمامهم مهمة بشكل كبير وتعكس الكثير من الدلائل ومن الطبيعي أن يكون هناك محاولات للوصول لمثل تلك المعلومات”.
وأضاف مصطفى البرماوي أن أوبر خاضت صراعا كبيرا في عدة دول من بينها مصر حول إتاحة البيانات للحكومات، ومن ثم “فيبدو أن شركة دابسي لها بعد اقتصادي بدرجة أكبر من السعي إلى البيانات”.
وفي مايو من عام 2018 أصدرت مصر قانوناً يلزم الشركات المقدمة لخدمة النقل الذكي بحفظ البيانات والمعلومات بصورة مباشرة وميسرة لمدة مائة وثمانين يوما متصلة، وأن تتيحها لجهات الأمن القومي أو لأي جهة حكومية مختصة عند الطلب.