خالد أباظة يكتب: ممكن سنة حلوة ؟!
أيام قليلة ويسدل الستار عن عام ٢٠١٧.. ونستقبل «سنة جديدة».. نعيش معها ١٢ شهرا بالتمام والكمال.. يعنى «عمر تانى» بأسابيع وشهور طويلة وعديدة.
حان الوقت أخيرا بأن نفارق «سنتنا» التى قاربت على الانتهاء.. أن نودعها ولكن بدون نفس.. ولا ابتسامة ولا حتى «كلمة حلوة».. ونتمنى أن تتركنا وتفارقنا وتمضى بدون رجعة!..
نعم.. أيامنا وأسابيعنا وشهورنا الماضية خلال عام ٢٠١٧ لم تكن الأحسن ولا الأجمل ولا الأروع فى أى شيء.. بكينا فيها كثيرا وبحرقة شديدة فى بعض الأحيان.. شعرنا بـ«وجع فى قلوبنا» وألم فى صدورنا مرات ومرات.. شباب «زى الورد» راحوا منا بفعل فاعل «قذر» بلا أخلاق ولا دين ولا رحمة ولا عدل.. يد الإرهاب طالت الأبناء والأشقاء والآباء.. والسيدات أيضا.. داخل جوامع وكنائس وفوق أراض مصرية مختلفة.. المنشآت والرمال صرخت من شدة الحزن على فراق «أعز الناس».. كلمات العزاء والصبر والرحمة خرجت كثيرا منا خلال الشهور الماضية.. تنعى رجالاً وأطفالاً ونساء وشيوخاً أبرياء راحوا فى «غمضة عين» بيد غادرة وفكر إرهابى وقلوب سوداء.. تركونا ونحن جميعا أمام سؤال واحد لم نجد -حتى الآن- أى إجابة عليه.. وهو: «بأى ذنب قتلوا»؟!..
فى كل شارع وميدان وقرية وحى.. كان هناك سرادق للعزاء.. وبيوت أطفئت أنوارها وغرق سكانها فى بكاء وعويل وحزن وحسرة..
نعم.. قلوبنا وجعتنا كثيرا فى عام ٢٠١٧!
الآن.. نحن على أعتاب سنة جديدة.. برقم ٢٠١٨.. نريدها «حلوة».. نرفع أيدينا إلى السماء وندعو بأن تحمل الخير لنا.. تدخل الفرحة فى القلوب.. ننسى فيها الأحزان قليلا.. نرى الابتسامة على وجوه من حولنا.. نشعر بالأمان على أطفالنا وبالتفاؤل فى حاضرهم ومستقبلهم.. «بالبلدى كده» عايزين نفرح ونضحك.. عايزين أياما سعيدة وجميلة ومشرقة ومبهجة.. كفانا ٧ سنوات «عجاف» مروا علينا من ٢٠١١ إلى ٢٠١٧.. كفاية كده.. خلاص مش قادرين ولا مستحملين.. مش كله «ضرب xضرب».. ممكن شوية «شتيمه» خفيفة كده!.. شوية فرحة على حبة زيادة فى الرزق.. على أمن وآمان.. شوية سياحة تنعش البلد.. على جنيه مصرى «يشد حيله» و «يصلب طوله» ويرفع راسنا أمام عملات الخواجات.. شوية أخبار سعيدة ومانشيتات حلوة.. وضحكات من القلب.. ينفع كمان شوية انخفاض فى أسعار العربيات.. والمأكولات.. والهدوم كمان.. وأكيد الأجهزة الكهربائية.. مش كتير علينا يا رب!..
بصراحة شديدة.. المصريون كلهم «اطحنوا».. خلال السنوات السبع العجاف.. هذه هى الكلمة «المؤدبة» التى وجدتها تصلح للكتابة والنشر.. جبنا آخرنا يعنى كده.. نفسنا فى «هدنة قصيرة» بيننا وبين الأحزان والكوارث والمآسى والدموع وضيق العيش والصدمات المتتالية.. ممكن ناخد «تايم أوت» من كل ده ونقضى «فترة نقاهة» لمدة عام واحد؟!.. نرتاح ونهدأ ونضحك وننام فى أمان وسلامة وراحة بال.. ١٢ شهرا فقط فى اجازة سعيدة بعيدا عن «خلاط المشاكل» الذى اتحبسنا داخله بقالنا ٧ سنوات.. بيفرم فينا ويشقلبنا رأسا على عقب.. ويخرج منا «عصير» بنى أدمين تعساء وغلابة ومساكين!!..
ومع كل ذلك.. لا نزال صامدين وعايشين وأقوياء.. إزاى؟.. لا أعرف!.. والأغرب إننا ننتهز أى «لحظة حلوة» تعدى كده من أمامنا حتى لو بالغلط.. وتلاقينا «ماسكين فى ذيلها» ولا العيال مع جلابية أمهم فى الحوارى والقرى!.. تجدنا نحتفل بهذه اللحظات العابرة.. نضحك جدا.. ونرقص ونفرح ونملأ الدنيا صياحا وضجيجا وسعادة بلا حدود ولا موانع.. وفى «عز ضحكتنا».. يصلنا «خبر أليم».. فتهرب الابتسامة سريعا وتعود الأحزان لتملأ الأماكن والقلوب.. وتمتلئ الأعين بالدموع.. ويعود شعور الخوف والقلق وعدم الأمان ولا الاستقرار مسيطرا على المشهد كله لدى الجميع.. بدون فرق مابين صغير أو كبير.. مسلم أو مسيحى.. غنى أو فقير.. الأحزان تكون «عامة» على كل فرد.. مادام يحمل «الجنسية المصرية».. حتى ولو كان يعيش خارج حدود الوطن بأميال عديدة ومسافات بعيدة!..
«ممكن سنة حلوة»؟!.. مش كتير أبدا على ربنا العالم بأحوالنا.. بآلامنا وأحزاننا.. بطموحاتنا وأحلامنا.. بأفكارنا وأسرارنا.. بدعواتنا وتوسلاتنا.. بنياتنا وأعمالنا.. أنت -وحدك- العالم بينا يارب.. أكيد مالناش غيرك.. وأكيد انت قادر على كل شيء.. فى ثانية ولحظة و«غمضة عين».. قادر على أن تنقذ المصريين وتفرحهم وتهدى قلوبنا وتحفظ بلدنا وتنصرنا.. وتهلك «أعداءك» فى الأرض الذين استباحوا الدماء وقتلوا الآبرياء ويتموا الأطفال وأبكوا النساء والشيوخ.
إن شاء الله سنة حلوة علينا كلنا.. وعلى بلدنا الغالية.. وشعبنا الطيب.