غصن: أنا وحدى دبرت مغادرتى.. ولم تلعب عائلتى أى دور “
قرر القضاء اللبناني استدعاء كارلوس غصن الأسبوع المقبل للاستماع إلى أقواله إثر إصدار منظمة الشرطة الجنائية الدولية (الإنتربول) مذكرة توقيف دولية بحقه، على خلفية هروبه من اليابان حيث كان قيد الإقامة الجبرية.. وتعتبر السلطات اللبنانية أن رجل الأعمال الذي يحمل الجنسيات اللبنانية والفرنسية والبرازيلية دخل البلاد بصورة “شرعية“، ولا شيء يستدعي ملاحقته في لبنان.
وقال مصدر قضائي لبناني إنه “سيتم استدعاء غصن الثلاثاء أو الأربعاء إلى النيابة العامة التمييزية للاستماع إليه، بعد تسلّمها النشرة الحمراء التي تتضمن مذكرة توقيف صادرة بحقه استنادا إلى الجرائم التي يتهمه القضاء الياباني بارتكابها“. بينما تواصل طوكيو وأنقرة تحقيقاتهما لمعرفة تفاصيل رحلته المثيرة للجدل.
وأوضح المصدر أن القضاء “ملزم باتخاذ هذا الإجراء والاستماع إلى غصن، لكن لديه صلاحية استنسابية في توقيفه أو تركه“.
تسلّم لبنان، وفق ما أعلن وزير العدل ألبرت سرحان ” النشرة الحمراء“ بشأن غصن من الأنتربول.. وأوضح أنه “في غياب وجود اتفاقية استرداد بين الدولتين اللبنانية واليابانية، وفي إطار مبدأ المعاملة بالمثل، وهو مبدأ قانوني، سوف نطبق إجراءات القوانين الداخلية اللبنانية“.
ولا يمكن لمنظمة الأنتربول إصدار أوامر اعتقال أو الشروع في تحقيقات أو ملاحقات، لكن يمكن للمحاكم الدولية أو للدول الأعضاء طلب توزيع “النشرة الحمراء“، فيما لا تبيح القوانين اللبنانية تسليم المواطنين إلى دولة أجنبية لمحاكمتهم.
ومن المنتظر أن يعقد غصن مؤتمرا صحفيا الأسبوع المقبل، لم يُحدد موعده النهائي بعد، للإجابة على تساؤلات كثيرة أثارها فراره من طوكيو رغم القيود الأمنية المشددة المفروضة عليه، وبعد روايات متضاربة بعضها شبيه بأفلام هوليوود، نفى مقربون منه صحتها.
وأعلنت شركة طائرات خاصة تركية الجمعة أنها قدمت شكوى جنائية لاستخدام طائراتها بشكل غير قانوني لنقل غصن إلى لبنان، في وقت ذكرت وسائل إعلام يابانية أن غصن ظهر على إحدى كاميرات المراقبة وهو يغادر منزله بمفرده في طوكيو.
ووصل غصن (65 عاما)، الرئيس السابق لتحالف رينو نيسان ميتسوبيشي الإثنين إلى بيروت بعد فراره من طوكيو حيث كان ينتظر بدء محاكمته بتهم تتعلق بمخالفات مالية وتهرّب ضريبي، يدحضها بشدة.
وأثار هروب غصن استياء واسعا في طوكيو، حيث سجن لمدة 130 يوما بعد توقيفه في نوفمبر 2018، قبل أن يُطلق سراحه مقابل كفالة مالية وشروط صارمة، تنص على وضعه قيد الإقامة الجبرية ومنعه من السفر خارج اليابان.
ونقلت هيئة الإذاعة والتلفزيون الرسمية (إن إتش كي) عن أشخاص على صلة بالتحقيق أنه بعد مراجعة تسجيلات إحدى كاميرات المراقبة الموضوعة قرب مدخل منزله في طوكيو، ظهر غصن وهو يغادر بمفرده قرابة ظهر يوم 29 ديسمبر، ولم يظهر أي شخص مشكوك به معه. ولم يُشاهد عائدا بعد ذلك إلى المنزل.
وتعمل الشرطة بعدما داهم المدعون منزل غصن الخميس، على تحليل تسجيلات مراقبة أخرى مع الاعتقاد باحتمال أن يكون غصن قد انضم لأحد الأشخاص للتوجه إلى المطار. ويُعتقد أنه سافر على متن طائرة خاصة من مطار كنساي في غرب اليابان في اليوم ذاته متوجها إلى إسطنبول، ومنها إلى بيروت.
وفي تركيا، رفعت شركة الطائرات الخاصة “إم إن جي جيت“، وفق ما أعلنت الجمعة، “شكوى جنائية بخصوص الاستخدام غير القانوني لخدمات طائراتها (شارتر) في ما يتعلق بهرب كارلوس غصن من اليابان“.
وذكرت أن شخصين مختلفين استأجرا طائرتين في ديسمبر، الأولى لرحلة من دبي إلى أوساكا في اليابان ومن أوساكا إلى إسطنبول، والثانية لرحلة من إسطنبول إلى بيروت.
وبحسب الشركة، فإن الطائرتين المستأجرتين، واللتين تتولى تشغيلهما من دون أن تمتلكهما، “لم تكونا مرتبطتين على ما يبدو ببعضهما بعضا“. كما أنه “لم يظهر اسم غصن في الوثائق الرسمية لأي من الرحلات“.
وأعلنت أن أحد موظفيها أقرّ بتزوير السجلات لعدم إظهار اسم غصن في قائمة ركاب الرحلة.. وقالت إنه تصرف “بشكل فردي“، مطالبة بمحاكمة جميع الذين سهلوا رحلة غصن.
وأوقفت تركيا وفق ما نقلت وكالة الأنباء التركية دوغان الخميس، سبعة أشخاص بينهم أربعة طيارين في إطار تحقيق تجريه بشأن الطائرتين.
ووصل غصن الإثنين الى بيروت مستخدما جواز سفر فرنسيا، وفق وثيقة اطلعت عليها وكالة الأنباء الفرنسية. وبينما احتفظ فريق الدفاع بجوازات سفر غصن اللبناني والبرازيلي والفرنسي، سمحت له محكمة في طوكيو بالاحتفاظ بجواز سفر فرنسي ثان لاستخدامه في تنقلاته داخل اليابان، وفق ما قال مصدر مقرب من القضية لوكالة الأنباء الفرنسية.
وأوضح أن المحكمة اليابانية سمحت لغصن بالاحتفاظ بجواز السفر، شرط وضعه في “علبة مقفلة“ يحمل مفتاحها محاميه.
ومع تعدد الروايات حول طريقة هربه من طوكيو والجهات التي قدّمت المساعدة له، نفى غصن أن تكون زوجته كارول الموجودة معه في لبنان أو أي من أفراد أسرته قد دبروا خروجه، واصفا ما نقلته وسائل إعلام بـ “مزاعم.. خاطئة وكاذبة“.
وقال في بيان الخميس وزعته وكالة تدير علاقاته العامة ومقرها باريس، “أنا وحدي دبرت مغادرتي.. ولم تلعب عائلتي أي دور“. وهذا التصريح هو الثاني لغصن بعد بيان أول غداة فراره من اليابان، قال فيه “لم أهرب من العدالة، لقد حررت نفسي من الظلم والاضطهاد السياسي“. ووعد بعقد مؤتمر صحفي في بيروت الأسبوع المقبل لعرض روايته.
وبعد توقيفه، وجّه القضاء الياباني أربع تهم إلى غصن تشمل عدم التصريح عن كامل دخله واستخدام أموال شركة نيسان التي أنقذها من الإفلاس للقيام بمدفوعات لمعارف شخصية واختلاس أموال الشركة للاستخدام الشخصي. إلا أن رجل الأعمال نفى كل تلك التهم، مشيرا إلى أن عمليات الدفع التي قام بها من أموال نيسان كانت لشركاء في المجموعة، وتمت الموافقة عليها وأنه لم يستخدم يوما بشكل شخصي أموال الشركة.
وندد محامو غصن وعائلته مرارا خلال فترة اعتقاله بظروف احتجازه وبالطريقة التي تعاطى بها القضاء الياباني مع ملفه.. وسمح القضاء له الشهر الماضي بالتحدث إلى زوجته للمرة الأولى منذ ثمانية أشهر.