هل تعرقل الصناعات المغذية مساعى تطوير قطاع السيارات ؟
ناقشت الجلسة الأولى من القمة السنوية السادسة لمؤتمر ايجيبت أتوموتيف، المنعقدة تحت شعار تعميق صناعة السيارات ورؤية الحكومة 2030، خطط توطين صناعة السيارات وعمليات الإحلال والتجديد.. وشهدت الجلسة مناقشات ساخنة حول قطاع الصناعات المغذية ومدى امكانية التوسع في انتاجها الفترة المقبلة في ضوء استراتيجية تطوير الصناعة.
واستعرضت الجلسة دور القطاع الخاص في توطين الصناعة وكيفية دعم الحكومة للقطاع الخاص لخلق قاعدة صناعية قوية، والحوافز التصنيعية التي ستمنحها الحكومة للمصنعيين لجذب المزيد من الاستثمارات.
وشارك في الجلسة الذي أداراها هشام الزيني، كلا من رامي جاد مدير عام شركة رينو، وعلاء الدين صلاح رئيس الادارات المركزية للتصنيع المحلي، وتامر الشافعي رئيس شعبة الصناعات المغذية بغرفة الصناعات الهندسية، وعبد لامنعم القاضي نائب رئيس غرفة الصناعات الهندسية.
وقال هشام الزيني، مدير الجلسة، إن الجلسة ستدور حول صناعة المكونات المغذية للسيارات وتوطينها في مصر، وعلاقة صناعة السيارات بالمكونات، واستراتيجية الصناعة والطرق ومنظومة العمل التي تحافظ على السيارات.
وبادر عبدالمنعم القاضي نائب رئيس غرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات، بالدفاع عن الصناعات المغذية، في مواجهة الاتهامات بشأن تسببها في عدم تنمية صناعة السيارات، وقال: في النصف الثاني من ثمانينيات القرن الماضي تم فتح 18 مصنع لإنتاج 90 نوع من السيارات، وبلغ متوسط إنتاج الشركة الواحدة 100 سيارة شهريًا فقط، وشركتين فقط هما اللتان بلغ إنتاجهما 2000 سيارة شهريًا، وبالمقارنة مع المعدل العالمي، سنجد تلك الأرقام ضعيفة جدًا، إذ يصل المعدل العالمي 10 آلاف سيارة شهريًا، وهو المعدل الطبيعي لتنمية الصناعة.
أوضح: في البداية كان المفترض والمستهدف أن يتم إنتاج 20 ألف سيارة شهريًا، لتوفير إنتاج كمي يتوازى مع صناعة السيارات كمنتج نهائي، لكن الإنتاج الفعلي كميًا ضعيف.. ونوه الى عدم توفير شركات الصناعات المغذية منتجاتها لكل السيارات، فشركة معينة تورد للبعض والباقي لا تفعل.
اشار الى أن نسبة المكون المحلي (45%)، كانت أساسًا 60% وللوزير المختص أن يخفضها إلى 40%، وهى حتى الأن لم تصل إلى النسبة الموضوعة أولًا، وتتوزع المكونات في النسبة المعمول بها بين 17% للسيارات و13% تجميع، و4% دهانات.
اعتبر أن تطوير الصناعات المغذية يحتاج لزيادة الإنتاج الكمي، لكن إنتاج 500 سيارة شهريًا لا يضمن بأي حال تنمية صناعة السيارات، خاصة وسط صعوبة التصدير من مصر.
وقال رامي جاد، مدير عام شركة رينو، إن الإنتاج الكمي يحتاج لسوق، والسوق المصري حتى الأن قد يستوعب 500 الف سيارة سنويًا، ولا زلنا تحت هذا الرقم بكثير، وكنا نتوقع الوصول إليه في 2015، وفقُا لتقديرات 2010، لكن ذلك لم يحدث.
وأضاف جاد أن المشكلة أن المنتج المحلي يتكون من بعض قطع الغيار التي يقوم عليها بعض المصنعنين بتكلفة أعلى من القطع المستوردة، ومع وضع برنامج لتنمية الصناعات المغذية نحتاج لتقليل التكلفة، مع دعم قطع الغيار المستوردة.. وتابع: “يجب زيادة المنتج المحلي والإنتاج الكمي، وجذب مصانع لإنتاج الأجزاء وتوفير حوافز دعم للصناعة”.
واعتبر أن إعادة التصدير سيكون خطوة جيدة، لذا يجب أن تكون الجودة عالية لمواجهة المنتج الأجنبي.. وثمن جاد فرص إعادة التصدير من مصر، وقال: «لدينا 3 شركات ترغب في دخول السوق المصري للاستثمار، ما سينهض بصناعة السيارات مع الاهتمام بزيادة الإنتاج الكمي».
وقال تامر الشافعي رئيس شعبة الصناعات المغذية بغرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات، إن الصناعات المغذية للسيارات والأساسية (وسائل النقل نفسها) تعتبر قطاع واحد، قائلًا: «لن يستمر أحد في تصنيع جزء من سيارة لا يوجد لها سوق، أو مع ضعف الإنتاج الكمي».
أوضح أن أعلى مستوى بلغته مصر كان 300 الف سيارة في 2014، وهذا غير كاف، ومع تراجعه في السنوات الماضية تأثرت الاستثمارات بصورة واضحة في السوق المحلية.. وقال إن الشركات لديها جاهزية للاستثمار، لكن نحتاج لرؤية واضحة وسوق يستوعب الإنتاج، سواء على المستوى المحلي أو التصدير.
أضاف: قبل عامين كنا ننتظر بداية 2019 لتنفيذ استراتيجية الصناعة، لكن الوضع جاء في غير صالح الصناعات المحلية، فالمصانع تدفع جمارك على الخامات المستوردة، في حين تدخل السيارات الأوروبية بدون جمارك نهائية، وفي الفترة المقبلة ستدخل السيارات التركية بالنظام نفسه.
أوضح أن الحكومة اهتمت بالطرق والبنية التحتية في الفترة الأخيرة، وتلك الطرق تحتاج لسيارات نقل كثيرة، ولا نحتاج لدعم أكثر من الاحتياج إلى خريطة استثمارية جيدة تستمر لمدة 10 سنوات وفقًا لاحتياجات السوق.
استبعد اقامة صناعة وسائل نقل بدون صناعات مغذية والعكس صحيح تمامًا، وقال إن إعلان رؤية الحكومة لإحلال الغاز الطبيعي في السيارات بدلًا من السولار والبنزين لم يتم بعد بصورة كاملة، إذ تم الحديث كثيرًا عن ذلك لكن دون قرار ينهى استخراج الرخص للسيارات التي لا زالت تعمل بالسولار والبنزين.
وقال علاء الدين صلاح، رئيس الإدارات المركزية للتصنيع المحلي، إن استراتيجية صناعة السيارات طُرحت قبل مدة زمنية طويلة، وفي الوقت الحالي توجد استراتيجية قريبة الصلة بما طرح قبل ذلك بعد تعديلها بالتنسيق مع مجلس النواب، وسيتم طرح رؤيتها النهائية على المجلس قريبًا.
أوضح أن بعض محاور الاستراتيجية تهتم بتعميق التصنيع المحلي، والإنتاج الكمي، والتصدير، وكيف ستدار بما يفيد صناعة السيارات، مع وجود مجموعة من الحوافز المهمة للتنمية.. وتدخل رامي جاد، مدير عام شركة رينو، قائلاً إن مصر أبرمت اتفاقات اقتصادية مع دول عدة وتحترمها كثيرًا، وحين تم تطبيق اتفاقية الشراكتين الأوروبية والتركية لم يتم تطبيقها في الخفاء، وتم الإعلان عنهما منذ سنوات طويلة.
اعتبر أن الأساس لأي تنمية اقتصادية، يأتي عبر وضع استراتيجية تنمية عامة للقطاع، فالسيارات تحتاج بين 10 و14 ألف قطعة، وحين التنفيذ السليم يمكن أن يتم تصدير 9000 قطعة وتوجيه 1000 قطعة للسوق المحلي.
قال إن المشكلة تكمن في النهوض بالصناعة، لا في فرض قوانين حماية، والتنمية تحتاج لتكلفة متوازنة مع منتجات الأسواق الأخرى، للقدرة على التصدير، وأن توسيع القاعدة الصناعية يبدأ من الأساس، عند المغذيات وقطع الغيار.
وقال علاء الدين صلاح، رئيس الإدارات المركزية للتصنيع المحلي، إن السوق المصري “ضيق”، والأهم هو تولي عملية تنميته ليكون أكبر من الوضع الحالي، ففي 2008 و2009، كان السوق يستوعب 220 ألف سيارة بين المستورد والمحلي، وارتفع إلى 298 ألف سيارة في 2014، لكنها انكمشت مرة أخرى السنوات الأخيرة.
أوضح أن السؤال الأهم، هو كيفية تحقيق التنمية، ويمكن تحقيق ذلك عبر البنوك أو أي طريقة أخرى، رغم أن مبيعات السيارات عبر البنوك تتخطى 65% من المبيعات الإجمالية للسوق، لكن التنمية تتم في مسارات مختلفة لزيادة قدرة السوق المحلي على استيعاب عدد أكبر من السيارات سنويًا.
وقال: نحتاج لتكاتف القطاع الصناعي بالكامل، لتحقيق التنمية المستدامة في القطاع، واعتبر أن التشتت بين المصانع يخلق توترًا يُصعب العمل على كافة النواحي.. وقال سعيد طعيمة، عضو مجلس النواب، إن دولة بلا استراتيجية هى دولة عشوائية، وان مجلس النواب يسير في اتجاهين، الأول عبر إصدار قانون جديد للمرور، والطريق الثاني إحلال سيارات جديدة بديلة عن السيارات المتقادمة.
أوضح أنه يجب البدء من الأن في التنسيق مع الحكومة عبر التعرف على عدد السيارات المستهدف إحلالها للعمل على الطرق.
وعلى مستوى السيارات الكهربائية، قال: «لا زالت تحتاج الاستراتيجية للنهوض مثل الدول الأوروربية، ففرنسا أعلنت أنها بحلول العام 2040 لن تكون لديها سيارة تعمل بالمحروقات، وألمانيا في 2030، ويمكن أن تضرب مصر موعدًا لتحقيق ذلك في 2060».
وقال إنه لا توجد استراتيجية من قبل وزارتا النقل والداخلية بشأن التصاريح، وسيتم القضاء على تلك المشكلة في مجلس النواب عبر الاجتماع مع الجهات المعنية في هذا الشأن، وسيتم وضع استراتيجية العمل خلال أيام بالنسبة للسيارات الكهربائية.
أضاف: «حتى اليوم الاستثمار قائم، لكنه لم يعمل بالصورة التي نرغب فيها، وطالما أن البنية الأساسية للطرق متواجدة، سيكون هناك استثمارات كثيرة الفترة المقبلة، تزامنًا مع اتضاح رؤية مصر للقطاع».. طرح هشام الزيني مدير الجلسة تساؤلا حول خطط الحكومة لإحلال السيارات الجديدة محل القديمة.
ورد علاء الدين صلاح، رئيس الإدارات المركزية للتصنيع المحلي، إن إحلال سيارات جديدة بدلًا من السيارات التي مر عليها 20 عامًا من التشغيل سيتم كمرحلة أولى، وأُفَضِل أن يكون العمل من خلال مصنع واحد بعلامة تجارية واحدة، عبر طرح مناقصة والاختيار من أفضل المتنافسين عليها من حيث أفضلية الملف الفني والمالي.
وقال إن هذه الفكرة واجهت اعتراضات من البعض والتي أسموها بفتح الباب أمام احتكار الفائز للسوق، ولم يتم التوصل إلى آلية نهائية بعد في هذا الشأن.. وأيد فكرة العمل من خلال شركة واحدة بمواصفات يتم تحديدها على مستوى المختصون بالتعاون مع الحكومة، وسيتم إصدار دراسة كاملة عن الملف بالكامل الفترة المُقبلة.
وأوضح أن المهندس رشيد محمد رشيد أصدر 10 مواصفات في العام 2008، وكان من المفترض استكمالها، لكن لم يحدث في التوقيت المحدد لها.. وتابع: «وزير الصناعة في حكومة سابقة أصدر 40 مواصفة جديدة، لكن المواصفات مُكلفة ما سيرفع سعر السيارة في النهاية، ليتم إلغاءها في النهاية، ونحتاج نحو 70 مواصفة لسيارات الركوب».
وقال تامر الشافعي، رئيس شعبة الصناعات المغذية بغرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات، إن عملية الإحلال تأتي على شقين، الأول منهم هو الذي يهتم به مجلس الوزراء، وهو إحلال السيارات التي تعمل الغاز الطبيعي بدلًا من السيارات التي تعمل بالسولار، وفقًا لرؤية الحكومة.
أوضح أن مصر تستورد سولار بـ2.2 مليار دولار سنويًا، 70% منها تذهب إلى سيارات (الميني باص، والميكروباص) بواقع 245 ألف مسجلة في المرور، ومنهم 80 ألف سيارة فقط التي مر عليها 20 عامًا، وهي ما سيتم تطبيق قرار مجلس الوزراء عليها بداية من يناير 2020، لكن القرار يسري فقط على السيارات التي تعمل بالسولار فقط وليس البنزين.
وفي ختام الجلسة طالب هشام الزيني مدير الجلسة بأهمية تعديل قرار الإحلال بحيث يتضمن السيارات التي تعمل بالبنزين ايضًا وعدم الاكتفاء بالسولار.