السيارات الكهربائية تنقذ حياة 90 ألف شخص بأمريكا بحلول 2050
ستشهد أمريكا 89300 حالة وفاة أقل، بحلول عام 2050، في حال استبدل مستهلكو الغاز الكثير من السيارات الأمريكية بمركبات خالية من الانبعاثات بشكل أساسي، بحلول عام 2035، مثل السيارات الكهربائية، والشاحنات، وسيارات الدفع الرباعي، وذلك وفقًا لتقرير جديد صادر عن جمعية الرئة الأمريكية.
لكن سيتعين على البلاد أيضًا التحرك بشكل أكبر نحو اعتماد الطاقة الكهربائية النظيفة مثل الرياح، والطاقة الشمسية، والطاقة المائية، والطاقة الحرارية الأرضية والنووية، لمعرفة الفوائد الصحية الكاملة.
وجاء في التقرير ، أن الناس في الولايات المتحدة سيكون لديهم 2.2 مليون نوبات ربو أقل، و10.7 مليون يوم عمل ضائع أدنى، وستحقق الدولة 978 مليار دولار من فوائد الصحة العامة مع الانتقال إلى سيارات وإمدادات طاقة أنظف.
وقال مؤلف التقرير ويليام باريت، كبير المدراء الوطنيين لمناصرة الهواء النظيف لجمعية الرئة الأمريكية: “هناك فوائد واضحة جدًا لتقنيات صفر انبعاثات”.
واعتمد تقرير “نحو هواء نظيف: الفوائد الصحية للسيارات والكهرباء الخالية من الانبعاثات” تحليلاً للبيانات من تقرير الاتحاد الصادر في مارس 2022، بعنوان “صفرية انبعاثات لهواء صحي”.
وتوصلت وكالة حماية البيئة الأمريكية إلى أن النقل يشكل المصدر الرئيسي لتلوث الهواء في الولايات المتحدة، وأكبر مسبِّب لتلوّث الكربون الذي يتسبّب بأزمة المناخ. وأن التعرض لأيٍّ من أنواع التلوث يُضر بصحتنا، إذ تشير الدراسات إلى أنه يزيد بشكل كبير من مخاطر الوفاة المبكرة أو الأمراض المزمنة مثل الربو، ومشاكل القلب، وحتى الاكتئاب، ومرض الزهايمر.
ويعيش حوالي 120 مليون شخص في الولايات المتحدة في مناطق تعاني من هواء ملوث، بحسب تقرير صادر عن جمعية الرئة، الأمريكية نُشر هذا العام.
وتتأثر المجتمعات ذات الدخل المنخفض والمجتمعات الملوّنة، بغض النظر عن دخلها، بشكل غير متناسب بهذا التهديد الصحي. وأظهرت الدراسات أنّ هذه المجتمعات غالبًا ما تعيش بالقرب من مصادر التلوّث الرئيسية مثل الطرق السريعة الرئيسية ومحطات الطاقة.
وقال باريت: “يُعد هذا الانتقال إلى تقنيات صفر انبعاثات أمرًا بالغ الأهمية في المجمل، لكن أهميته تكمن تحديدًا في التأكد من أننا نستهدف السياسات والاستثمارات وبرامج الحوافز، بحيث يمكن لجميع المجتمعات الإفادة من هذه الفوائد الصحية وخيارات نقل أكثر صحة”.
ويعني التحوّل إلى استخدام مركبات صفرية الانبعاثات تغييرًا هائلاً للولايات المتحدة. ورغم أن عدد الأشخاص الذين يقودون هذا النوع من الآليات آخذ في الازدياد، إلا أنّ مكتب الولايات المتحدة لإحصاءات العمل أشار إلى أنّ نسبة 4.6٪ فقط من السيارات المباعة في الولايات المتحدة كانت كهربائية، في عام 2021.
ورأى الدكتور جيسون ويست، الذي يدرس أبحاث التلوث وتأثيره على الصحة العامة، أنّ التحول سيتطلب استثمارًا مسبقًا، لكن الفوائد قد تتجاوز تكاليف تلك الإجراءات في المقام الأول.
وأضاف ويست، الأستاذ في قسم العلوم والهندسة البيئية بكلية جيلينغز للصحة العامة العالمية في جامعة نورث كارولينا، غير المشارك في التقرير الجديد، أنّ ” هناك فوائد صحية ضخمة يمكن اكتسابها من خلال التحول إلى السيارات الكهربائية، على نطاق واسع”. وتابع أنّ “الجزء الآخر من التقرير يؤكد أن هذه النتيجة الصحية الإيجابية تأتي عندما تقترن بتوليد كهرباء نظيفة من دون احتراق. وهذا جزء مهم أيضًا”.
ولا يقتصر الأمر على التحول إلى السيارات الكهربائية فحسب، بل توفير الكهرباء الإضافية اللازمة لتلك المركبات الكهربائية. لذلك ستكون مصادر الطاقة المتجددة، والرياح، والطاقة الشمسية، أو النووية محتملة.
وفي هذا الإطار، تتّخذ صناعة السيارات والحكومة الفيدرالية خطوات كبيرة لتسريع التغيير إلى المركبات صفرية الانبعاثات.
وكانت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تدفع باتجاه الحدّ من التلوث على جبهتين، من خلال إرساء معايير أكثر صرامة لانبعاثات المركبات وحدود أكثر تشددًا لجهة التلوث في قطاع الطاقة.
وفي عام 2021، أعادت وكالة حماية البيئة قوانين تلوث السيارات في عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما. وفي أبريل ، اقترحت الوكالة قاعدة من شأنها انشاء معايير انبعاثات أكثر تشددًا على جميع السيارات والشاحنات الخفيفة. وصرّحت جمعية الرئة الأمريكية أنّه عند الانتهاء من وضع اللمسات الأخيرة على القانون، فمن المحتمل أن تجعل ما لا يقل عن ثلثي السيارات والشاحنات الجديدة على الطريق خالية من الانبعاثات بحلول عام 2032.
واقترحت وكالة حماية البيئة أيضًا قوانين من شأنها أن تضع قيودًا أكثر صرامة على تلوث الجسيمات، وغازات الاحتباس الحراري، والانبعاثات المكونة لطبقة الأوزون.
ومن شأن مسودة القانون الخاصة بتلوث الجسيمات وحدها أن تشدّد على المستوى الحالي الذي بقِيَ حبرًا على ورق منذ عام 2012، بنسبة 25٪. وبحسب تقدير الإدارة، يمكن أن يحد ذلك عمًا لا يقل عن 4200 حالة وفاة مبكرة سنويًا.
كما عمل الكونجرس الأمريكي أيضًا على الحد من التلوث. إذ وضع قانون خفض التضخم لعام 2022، حوافز للأمريكيين بهدف شراء سيارات خالية من الانبعاثات، وتمديد ائتمان ضريبي يصل إلى 7500 دولار لشراء سيارة كهربائية جديدة حتى أغسطس 2032. وهذه المرة الأولى التي يمكن فيها تطبيق الائتمان الضريبي لشراء سيارة كهربائية مستعملة أيضًا.
ويجب أن يشمل قانون الاستثمار البنية التحتية والوظائف لعام 2022 أيضًا، يهدف تسريع إنشاء الشبكات التي يمكن أن تحافظ على وقود السيارات الكهربائية على الطريق. ويوفر القانون المال لترقية شبكة الكهرباء في البلاد و7.5 مليار دولار لبناء شبكة شحن على مستوى البلاد.
واتخذت الدول خطوات إضافية للحد من التلوث المرتبط بالمرور. وقال باريت إن سبع ولايات، ضمنًا كاليفورنيا، قد تبنت سياسة تنص على أن جميع مبيعات سيارات الركاب الجديدة يجب أن تكون خالية من الانبعاثات بحلول عام 2035، وأن المزيد من الولايات تبحث بجدية أمر تبنّيها. كما وضعت أكثر من 15 ولاية معايير مركبة إضافية على مستوى الدولة.
وفي موازاة ذلك، تتحرك المزيد من شركات صناعة السيارات أيضًا لصنع سيارات أنظف. وهناك مجموعة واسعة من الخيارات أكثر من أي وقت مضى، وقد تحسنت سعة البطارية ونطاقها بشكل كبير، ومن المتوقع أن تتحسن في المستقبل القريب.
كما تخطط غالبية شركات صناعة السيارات الكبرى لطرح عشرات من الموديلات الجديدة خلال العقد المقبل وتستثمر المليارات في بناء مصانع لإنتاج البطاريات وغيرها من ابتكارات السيارات الكهربائية.
وخلص باريت إلى أنّ “عائدات الاستثمار في سياسات الهواء النظيف معروفة جيدًا، وتشير حقًا إلى فعالية السياسات التي تتطلب تغييرات لتنظيف الهواء”. وتابع أنها “تؤمن صحة أفضل، وتحدّ من تلوث المناخ، وتتيح فرص عمل في قطاعات جديدة، إضافة إلى فوائد عديدة أخرى”.